للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدَيْنِهِ وَأَعْطَاهُ مِنْدِيلًا صَغِيرًا يَلُفُّهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: أَحْضِرْ دَيْنِي حَتَّى أَرُدَّهَا عَلَيْكَ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ وَجَاءَ بِدَيْنِهِ بَعْدَ أَيَّامٍ، وَقَدْ هَلَكَتْ الْعِمَامَةُ فَإِنَّهَا تَهْلِكُ هَلَاكَ الْمَرْهُونِ لَا هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكَهَا رَهْنًا بِدَيْنِهِ، وَالْغَرِيمُ بِتَرْكِهَا عِنْدَهُ وَبِذَهَابِهِ صَارَ رَاضِيًا بِأَنْ تَكُونَ رَهْنًا فَصَارَتْ رَهْنًا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

رَجُلٌ رَهَنَ عَبْدًا وَأَبَقَ سَقَطَ الدَّيْنُ فَإِنْ وُجِدَ عَادَ رَهْنًا، وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِحِسَابِ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ هَذَا أَوَّلَ إبَاقٍ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ أَبَقَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَنْقُصْ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ هَكَذَا ذُكِرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ يَبْطُلُ الدَّيْنُ بِقَدْرِ مَا نَقَصَهُ الْإِبَاقُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي جَعَلَ الرَّهْنَ بِمَا فِيهِ حِينَ أَبَقَ ثُمَّ ظَهَرَ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

أَرْضٌ مَرْهُونَةٌ غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْآبِقِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَقِلُّ الْمَاءُ فَتَصِيرُ الْأَرْضُ مُنْتَفَعًا بِهَا، فَكَانَ احْتِمَالُ عَوْدِهَا مُنْتَفَعًا بِهَا قَائِمًا فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ، وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُخْتَصَرِ لَا حَقَّ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ هَلَكَ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الشَّيْءِ بِخُرُوجِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ كَالشَّاةِ إذَا مَاتَتْ؛ وَلِهَذَا بَطَلَ الْبَيْعُ إذَا صَارَتْ الْأَرْضُ بَحْرًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ نَضَبَ الْمَاءُ فَهِيَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهَا فَإِنْ أَفْسَدَ شَيْئًا مِنْهَا ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ رَهَنَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ ثُمَّ صَارَ خَلًّا كَانَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ، وَيَطْرَحُ مِنْ الدَّيْنِ مَا نَقَصَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ تَرْكُهُ بِالدَّيْنِ.

وَالشَّاهُ إذَا هَلَكَتْ فَدُبِغَ جِلْدُهَا يَكُونُ رَهْنًا بِحِصَّتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِعَشَرَةٍ فَصَارَ خَمْرًا ثُمَّ صَارَتْ خَلًّا يُسَاوِي عَشَرَةً فَهُوَ رَهْنٌ بِعَشَرَةٍ يَفْتَكُّهُ بِذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

رَهَنَ ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا فَصَارَتْ خَلًّا لَا يَنْقُصُ مِنْ قِيمَتِهِ يَبْقَى رَهْنًا ثُمَّ عِنْدَهُمَا يَتَخَيَّرُ الرَّاهِنُ إنْ شَاءَ افْتَكَّ الرَّهْنَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَأَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ خَمْرًا مِثْلَ خَمْرِهِ فَيَصِيرُ الْخَلُّ مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ رَهَنَ شَاةً فَمَاتَتْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ فَإِنْ دَبَغَ الْمُرْتَهِنُ جِلْدَهَا فَهُوَ رَهْنٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ الشَّاةِ الْمُشْتَرَاةِ إذَا مَاتَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَيَدْبُغُ الْبَائِعُ جِلْدَهَا، فَإِنَّ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ لَا يَعُودُ رَهْنًا هُنَاكَ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَكَانَتْ الشَّاةُ تُسَاوِي عَشْرَةً، وَالْجِلْدُ يُسَاوِي دِرْهَمًا فَهُوَ رَهْنٌ بِدِرْهَمٍ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّاةُ تُسَاوِي عِشْرِينَ يَوْمَ الرَّهْنِ، وَالدَّيْنُ عَشَرَةٌ، وَكَانَ الْجِلْدُ يُسَاوِي دِرْهَمًا يَوْمَئِذٍ فَالْجِلْدُ رَهْنٌ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَلَوْ ارْتَهَنَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ خَمْرًا فَصَارَتْ فِي يَدِهِ خَلًّا لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْخُذَ الْخَلَّ، وَلَا يُعْطِيَهُ أَجْرًا، وَالدَّيْنُ كَمَا كَانَ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُسْلِمًا، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ كَافِرًا، وَكَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ رَهَنَ، وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ فَلَهُ أَنْ يَدَعَ الْخَلَّ، وَيُبْطِلَ الدَّيْنَ قِيلَ: هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ ذِمِّيًّا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَفِي فَتَاوَى الدِّينَارِيِّ إذَا رَهَنَ مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ شَيْئًا بِخَمْرٍ، وَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَا يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِهَلَاكِهِ، وَهَذَا الرَّهْنُ بَاطِلٌ وَيَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَهُ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ هَلَكَ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْءٌ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُسْلِمًا، وَالرَّاهِنُ كَافِرًا فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ، وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَالرَّهْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>