للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى إحْضَارِ الرَّهْنِ أَوَّلًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: مَا ذُكِرَ جَوَابُ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: الْجَارِيَةُ فِي مَنْزِلِي فَادْفَعْ الدَّيْنَ إلَيَّ حَتَّى تَذْهَبَ مَعِي، وَتَأْخُذَهَا فِي الْمَنْزِلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَيُؤْمَرُ بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ، فَإِذَا أَحْضَرَهُ يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوَّلًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُنَجَّمٍ فَرَهَنَهُ بِالْمَالِ كُلِّهِ رَهْنًا يُسَاوِيهِ فَحَلَّ نَجْمٌ فَطَالَبَهُ الْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَأَبَى الرَّاهِنُ أَدَاءَهُ حَتَّى يُحْضِرَ الرَّهْنَ لَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى إحْضَارِ الرَّهْنِ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، فَإِنْ قَالَ الرَّاهِنُ: قَدْ تَوَى الرَّهْنُ وَصَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَيَّ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ، وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِحْضَارِهِ لِيَصِيرَ حَالُهُ مَعْلُومًا، فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَأْمُرَهُ بِالْإِحْضَارِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ قَالَ: إذَا كَانَا فِي الْمِصْرِ الَّذِي رَهَنَهُ فِيهِ يَأْمُرُهُ بِالْإِحْضَارِ، وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي فِي الْمِصْرِ أَنْ لَا يُكَلِّفَهُ إحْضَارَ الرَّهْنِ وَيُحَلِّفَهُ أَلْبَتَّةَ بِاَللَّهِ مَا ضَاعَ الرَّهْنُ، وَلَا تَوَى، وَيَأْمُرُ الرَّاهِنَ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا حَلَّ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِهِ فَعَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَأَمَرَ أَنْ يُودِعَهُ غَيْرَهُ فَفَعَلَهُ الْعَدْلُ ثُمَّ جَاءَ الْمُرْتَهِنُ يَطْلُبُ دَيْنَهُ لَا يُكَلِّفُ الْمُرْتَهِنَ إحْضَارَ الرَّهْنِ وَأَمَرَ الرَّاهِنَ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَمْ يَرْضَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُ مَا لَيْسَ فِي يَدِهِ أَلَا يَرَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْعَدْلِ يَكُونُ غَاصِبًا ضَامِنًا فَكَيْفَ يُلْزِمُهُ إحْضَارُ شَيْءٍ لَوْ أَخَذَهُ يَصِيرُ غَاصِبًا، وَلَوْ أَوْدَعَهُ الْعَدْلُ عِنْدَ مَنْ فِي عِيَالِهِ، وَغَابَ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ، وَقَالَ الْمُودَعُ: أَوْدَعَنِي فُلَانٌ، وَلَا أَدْرِي لِمَنْ هُوَ أَوْ الْعَدْلُ غَابَ بِالرَّهْنِ، وَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ هُوَ لَا يُكَلِّفُ الْمُرْتَهِنَ إحْضَارَ الرَّهْنِ، وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ عَاجِزٌ عَنْ التَّسْلِيمِ.

وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُودَعُ الْإِيدَاعَ، وَقَالَ: هُوَ مَا لِي لَا يَمْلِكُ الْمُرْتَهِنُ قَبْضَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِالْجُحُودِ تَوَى الرَّهْنُ فَيَثْبُتُ الِاسْتِيفَاءُ فَلَا يَمْلِكُ قَبْضَ الدَّيْنِ حَتَّى يُثْبِتَ كَوْنَهُ رَهْنًا كَذَا فِي الْكَافِي.

رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ جَارِيَةً وَوَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَمَاتَ الْعَدْلُ، وَأَوْدَعَ الرَّهْنَ عِنْدَ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَحَضَرَ الْمُرْتَهِنُ يَطْلُبُ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ، فَقَالَ الرَّاهِنُ: لَا أُعْطِيَكَ حَتَّى تُحْضِرَ الرَّهْنَ، وَقَالَ الْمُودَعُ: أَوْدَعَنِي فُلَانٌ، وَلَا أَدْرِي لِمَنْ هُوَ فَإِنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنْ تَوَى الرَّهْنُ فِي يَدِ الْعَدْلِ رَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِمَا أَعْطَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّ الرَّهْنَ قَدْ هَلَكَ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ حَلَفَ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُجْبَرْ.

وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ عَبْدًا فَقَتَلَهُ رَجُلٌ خَطَأً وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ لَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنْ حَلَّ ثُلُثُ الْقِيمَةِ لَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ حَتَّى يُسَلِّمَ لَهُ كُلَّ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فَكُلَّمَا حَلَّ شَيْءٌ اقْتَضَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْغَنَمِ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ سَلَّطَ الرَّاهِنُ الْعَدْلَ عَلَى بَيْعِ الْمَرْهُونِ فَبَاعَهُ بِنَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ جَازَ فَلَوْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ لَا يُكَلِّفُ الْمُرْتَهِنَ إحْضَارَ الرَّهْنِ، وَلَا إحْضَارَ بَدَلِهِ، وَهُوَ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْإِحْضَارِ، وَكَذَا إذَا أَمَرَ الْمُرْتَهِنَ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضْ لَا يُجْبَرُ عَلَى إحْضَارِ الثَّمَنِ بَلْ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى أَدَاءِ دَيْنِهِ، وَلَوْ قَبَضَهُ يُكَلَّفُ إحْضَارَ الثَّمَنِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

إذَا بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ أَوْ الْعَدْلِ، وَأَخَّرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ أَوْ كَانَ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ يُطَالِبُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>