للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخَرَ بِيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ، وَمَاتَ مِنْهُ قَالَ: هَذَا شِبْهُ الْعَمْدِ، وَقَالَ الْحَسَنُ كَذَلِكَ إذَا أَلَحَّ فِي الضَّرْبِ حَتَّى مَاتَ، فَأَمَّا لَوْ ضَرَبَهُ بِزَاجِرِهِ لَا يَخَافُ عَنْ مِثْلِهِ الْمَوْتَ، وَمَعَ هَذَا مَاتَ، فَهُوَ خَطَأٌ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ الْكَبِيرُ قَوْلُ أَسَدٍ أَحَبُّ إلَيَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي رَجُلٍ قَصَدَ أَنْ يَضْرِبَ آخَرَ بِالسَّيْفِ، فَأَخَذَ الْمَضْرُوبُ السَّيْفَ بِيَدِهِ، فَجَذَبَ صَاحِبُ السَّيْفِ السَّيْفَ عَنْ يَدِهِ، فَقَطَعَ السَّيْفُ أَصَابِعَ الرَّجُلِ قَالَ: إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَفَاصِلِ، فَعَلَى الْجَاذِبِ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَفَاصِلِ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلٌ قَتَلَ عَبْدَ رَجُلٍ عَمْدًا، فَقَالَ السَّيِّدُ: أَبْرَأْتُكَ عَنْ عَبْدِي لَا يَكُونُ مُبْرِئًا لَهُ عَنْ قِيمَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ أَمَرَ رَجُلًا بِنَزْعِ سِنِّهِ لِوَجَعٍ أَصَابَهُ، وَعَيَّنَ السِّنَّ، وَالْمَأْمُورُ نَزَعَ سِنًّا آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ، فَإِذَا حَلَفَ، فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ عَامِدٌ، وَسَقَطَ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

جِنَايَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى مُكَاتَبِ نَفْسِهِ تَجِبُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَلَا تَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ صَارَتْ نَفْسًا أَوْ اقْتَصَرَتْ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى مُكَاتَبِ الْغَيْرِ مَتَى صَارَتْ نَفْسًا تَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي، وَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ تَجِبُ فِي مَالِ الْجَانِي كَمَا فِي الْقِنِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

كَسَرَ رَجُلَانِ سِنَّ رَجُلٍ خَطَأً فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِمَا؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَإِذَا جَنَى عَلَى مُكَاتَبِ إنْسَانٍ ثُمَّ أَدَّى الْمُكَاتَبُ، فَعَتَقَ لَا يُهْدَرُ السِّرَايَةَ، وَكَانَ عَلَى الْجَانِي قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ لَا الدِّيَةُ، وَإِنْ مَاتَ حُرًّا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ أَوْقَدَ نَارًا فِي بَيْتِهِ، فَاحْتَرَقَتْ دَارُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ إنْ أَوْقَدَ نَارًا يُوقَدُ مِثْلُهَا هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا أَلْقَى فِي التَّنُّورِ مِنْ الْحَطَبِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ التَّنُّورُ، فَأَحْرَقَ بَيْتَهُ، وَتَعَدَّى إلَى بُيُوتِ غَيْرِهِ، فَأَحْرَقَهَا ضَمِنَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

أَمَرَ ابْنَهُ لِيُوقِدَ لَهُ نَارًا فِي أَرْضِهِ، فَفَعَلَ، وَتَعَدَّتْ إلَى أَرْضِ جَارِهِ، فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا يَضْمَنُ الْأَبُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ صَحَّ، فَانْتَقَلَ فِعْلُ الِابْنِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ الْأَبُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

قَالَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ شَهِدَ لَهُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُل أَنَّهُ قَتَلَ ابْنَ هَذَا فُلَانًا، وَشَهِدَ آخَرَانِ لِهَذَا الرَّجُلِ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَيْضًا أَنَّهُ قَتَلَ ابْنَ هَذَا فُلَانًا سَمَّيَا ابْنًا آخَرَ لَهُ غَيْرَ الَّذِي سَمَّيَاهُ الْأَوَّلَ، فَزَكَّى الْفَرِيقَ الْأَوَّلَ، وَلَمْ يُزَكِّ الْفَرِيقَ الثَّانِيَ، فَدَفَعَ عَلَيْهِ إلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إلَى الْمَشْهُودِ لَهُ لِيَقْتُلَهُ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ: أَنَا أَقْتُلُكَ بِابْنِي الَّذِي لَمْ يُزَكِّ الشُّهُودُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَا أَقْتُلُكَ بِابْنِي الَّذِي زَكَّى الشُّهُودُ عَلَى قَتْلِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: مَا قَتَلْتُ ابْنِي الَّذِي زَكَّى الشُّهُودُ عَلَى قَتْلِهِ، وَإِنَّمَا قَتَلْتُ ابْنًا آخَرَ لِي، وَقَتَلَهُ كَانَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي كَنْزِ الرُّءُوسِ إذَا نَظَرَ فِي بَابِ دَارِ إنْسَانٍ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ صَاحِبُ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَنْحِيَتُهُ مِنْ غَيْرِ فَقْءِ الْعَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ يَضْمَنُهُ، وَلَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَرَمَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

فِي الْمُنْتَقَى رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَخَوَيْنِ لِأَبٍ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ مِنْ سَنَةِ كَذَا، وَادَّعَى الْآخَرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِكُوفَةَ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ أَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ آخَرَ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ، فَإِنَّهُ يَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ وَكَزَ أَرْبَعَةٌ رَجُلًا فَسَقَطَ بِضَرْبِهِمْ سِنُّ الْمَضْرُوبِ، وَانْكَسَرَ سِنٌّ آخَرُ مِنْهُ فَلَوْ عُرِفَ آخِرُهُمْ ضَرْبًا تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جَارِيَةٍ قَتَلَتْ ابْنَ رَجُلٍ عَمْدًا، فَدَفَعَهَا الْمَوْلَى إلَى أَبِي الْمَقْتُولِ، فَوَطِئَهَا أَبُو الْمَقْتُولِ، فَوَلَدَتْ، فَقَالَ مَوْلَى الْجَارِيَةِ دَفَعْتُهَا إلَيْكَ لِتَقْتُلَهَا، وَقَالَ أَبُو الْمَقْتُولِ لَا بَلْ صَالَحْتَنِي عَلَيْهَا مِنْ الدَّمِ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَعُقْرَهَا، وَالْوَلَدُ عَبْدٌ، وَلَا سَبِيلَ لِأَبِي الْمَقْتُولِ عَلَى الْجَارِيَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا لَوَى ثَوْبًا، فَضَرَبَ عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ، فَأَوْضَحَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ هَذَا مَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي سَبَبِهِ دُونَ مُسَبَّبِهِ وَعَلَى عَكْسِهِ مَا لَا يَجِبُ فِي سَبَبِهِ، وَيَجِبُ فِي مُسَبَّبِهِ أَنْ يُهَشِّمَهُ بِالْحَدِيدِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي سَبَبِهِ، وَمُسَبَّبِهِ أَنْ يَشُجَّهُ مُوضِحَةً بِحَدِيدَةٍ يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَعَلَى عَكْسِهِ مَا لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي سَبَبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>