للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَالَ كَوْنِهِمَا مَمْلُوكِينَ لَهُ وَسَأَلَ مِنِّي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمَا، فَشَهِدَا بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ بِالْإِنْكَارِ عَقِيبَ الِاسْتِشْهَادِ الْوَاحِدِ بَعْدَ الْآخَرِ شَهَادَةً صَحِيحَةً مُتَّفِقَةَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى مِنْ نُسْخَةٍ قُرِئَتْ عَلَيْهِمَا هَذَا مَضْمُونُ تِلْكَ النُّسْخَةِ، فَلَمَّا سَاقَا الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهِهَا ذَكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَنَّ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ مَمْلُوكَا فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الَّذِي زَعَمَ الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُمَا وَقَدْ كَذَبُوا فِي ذَلِكَ لَمْ يُعْتِقْهُمَا فُلَانٌ فَعَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَى الْمُدَّعِي هَذَا فَقَالَ: إنَّهُمَا حُرَّانِ، وَإِنَّ مَوْلَاهُمَا قَدْ أَعْتَقَهُمَا حَالَ كَوْنِهِمَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ إعْتَاقًا صَحِيحًا، وَأَنَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَكَلَّفْتُهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ هَذِهِ فَأَحْضَرَ نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ عَلَى مُوَافَقَةِ دَعْوَاهُ هَذِهِ وَسَأَلَنِي الِاسْتِمَاعَ إلَى شَهَادَتِهِمْ فَسَمِعْتُ شَهَادَتَهُمْ وَثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَتِهِمْ حُرِّيَّةُ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ بِإِعْتَاقِ فُلَانٍ إيَّاهُمَا.

وَكَوْنِهِمَا أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ وَسَأَلَنِي الْمُدَّعِي هَذَا الْحُكْمَ بِحُرِّيَّةِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ وَبِكَوْنِهِمَا أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ وَبِالْقَضَاءِ لَهُ بِالْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ بِشَهَادَةِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ فَأَجَبْتُهُ إلَى ذَلِكَ وَحَكَمْتُ بِحُرِّيَّةِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ بِإِعْتَاقِ فُلَانٍ إيَّاهُمَا حَالَ كَوْنِهِمَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ إعْتَاقًا صَحِيحًا وَبِكَوْنِهِمَا أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ وَقَضَيْتُ لِلْمُدَّعِي هَذَا بِالْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا بِشَهَادَةِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ حُكْمًا أَبْرَمْتُهُ وَقَضَاءً نَفَّذْتُهُ، وَيُتِمُّ السِّجِلَّ. فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثَبَتَ الْعِتْقُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْإِعْتَاقَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى إنْكَارِهِ وَلَا يَحْتَاجُ الْعَبْدُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَدْ صَحَّ مِنْهُ هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إثْبَاتِ حَقِّهِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إلَّا بِهَذَا وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَصَحَّ مِنْهُ الْإِنْكَارُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ دَفْعِ الشُّهُودِ عَنْ نَفْسِهِ إلَّا بِالْإِنْكَارِ لِلْحُرِّيَّةِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى حَقًّا عَلَى الْحَاضِرِ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى الْإِثْبَاتِ إلَّا بِإِثْبَاتِ سَبَبِهِ عَلَى الْغَائِبِ يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، فَصَارَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَإِقَامَتِهَا عَلَى الْمَوْلَى الْغَائِبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ حَدِّ الْقَذْفِ]

(مَحْضَرٌ فِي إثْبَاتِ حَدِّ الْقَذْفِ) ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قَذَفَهُ قَذْفًا يُوجِبُ الْحَدَّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ ثَمَانُونَ جَلْدَةً إلَى آخِرِهِ، وَإِنْ كَانَ شَتَمَهُ شَتْمًا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ يَكْتُبُ إنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ شَتَمَهُ وَيُعَيِّنُ شَتْمًا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ؛ فَقَالَ لَهُ: يَا كَذَا، ثُمَّ يَكْتُبُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ فِي الشَّرْعِ زَجْرًا لَهُ عَنْ مِثْلِهِ، وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ مَسْأَلَتَهُ.

[مَحْضَر فِي دعوى رَجُل عَلَى رَجُل أَنَّك سَرَقْت مِنْ دَرَاهِمِي كَذَا درهما]

(مَحْضَرٌ) فِي دَعْوَى رَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّك سَرَقْتَ مِنْ دَرَاهِمِي كَذَا دِرْهَمًا كَانَ مَوْضُوعًا فِي مَوْضِعِ كَذَا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ سُكَّانِ هَذِهِ الدَّارِ. وَقَدْ كَانَ قَالَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِهَذَا الْمُدَّعِي: إنْ حَلَفْتَ أَنِّي سَرَقْتَ مِنْ دَرَاهِمِكَ هَذَا الْمِقْدَارَ الَّذِي ادَّعَيْتَ فَأَنَا أُعْطِيَكَ مِثْلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ وَأَعْطَاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نِصْفَ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَأَعْطَاهُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي خَطًّا، ثُمَّ أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِرْدَادَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَيْفَ الْحُكْمُ فِيهِ، وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَتَبَ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ أَعْطَى النِّصْفَ وَالْتَزَمَ النِّصْفَ صُلْحًا عَنْ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ الدَّرَاهِمَ فَعَلَيْهِ إعْطَاءُ الْبَاقِي وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ النِّصْفَ الَّذِي أَعْطَاهُ، وَإِنْ أَعْطَى النِّصْفَ وَأَعْطَاهُ خَطًّا بِالْبَاقِي بِنَاءً عَلَى يَمِينِ الْمُدَّعِي وَوَفَاءً بِمَا قَالَ - لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَعْطَاهُ، وَقَدْ قِيلَ: لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، نَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ضَامِنٌ لِلْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ إنَّ الصُّلْحَ بَاطِلٌ.

[مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى سَرِقَةٍ]

(مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى سَرِقَةٍ) رَجُلٌ خَبَّازٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَجْلَسَهُ عَلَى دُكَّانِهِ لِيَبِيعَ لَهُ الْخُبْزَ مِنْ النَّاسِ وَيَأْخُذَ الْأَثْمَانَ مِنْهُمْ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى صَاحِبَ دُكَّانٍ، وَصُورَةُ الدَّعْوَى أَنَّ الْخَبَّازَ ادَّعَى مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الْمَالِ، وَقَالَ: إنَّكَ سَرَقْتَ مِنْ مَالِي مِنْ أَثْمَانِ الْخُبْزِ هَذَا الْمَبْلَغَ وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّكَ قُلْتَ: إنِّي أَخَذْتُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>