للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّلْحَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْأَصَالَةِ وَعَنْ أَخِيهِ الصَّغِيرِ بِالْإِذْنِ الْحُكْمِيِّ، وَهَذَا الصُّلْحُ كَانَ خَيْرًا لِلصَّغِيرِ وَقَدْ قَبَضَتْ بَدَلَ الصُّلْحِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا فِي تَرِكَةِ الزَّوْجِ حَقٌّ وَهِيَ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى مُبْطِلَةٌ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَحْضَرِ بَيَانُ التَّرِكَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ إلَّا بِاسْتِثْنَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الصُّلْحِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مِنْ خِلَافِ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْ النَّقْدِ مِقْدَارُ مَا يُصِيبُهَا بِالْمِيرَاثِ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ زَائِدًا عَلَيْهِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ لِمَكَانِ الرِّبَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْ النَّقْدِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَحْضَرِ ذِكْرُ قَبْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي الْمَجْلِسِ، وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ بِجَوَازِ هَذَا الصُّلْحِ، وَيَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ نَصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ مِثْلَ بَدَلِ الصُّلْحِ وَأَقَلَّ بَلْ يَكُونُ أَزْيَدَ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ شَيْءٌ مِنْ نَقْدٍ آخَرَ فَمَا ذُكِرَ كُلُّهُ وَهْمٌ، وَبِالْوَهْمِ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُ الصُّلْحِ، كَذَا فِي فُصُولِ الأستروشني.

وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى تَجْهِيلِ الْوَدِيعَةِ]

(مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى تَجْهِيلِ الْوَدِيعَةِ) حَضَرَ وَأَحْضَرَ فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنِّي دَفَعْتُ إلَى أَبِي هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فُلَانٍ صُرَّةً مَشْدُودَةً مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ بِضَاعَةُ إبْرَاهِيمَ الْحَاجِّيِّ، وَفِيهَا خَمْسَةُ أَعْدَادٍ مِنْ اللعل البدخشاني وَزْنُ كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَةُ دَرَاهِمَ وَقِيمَةُ الْكُلِّ كَذَا، وَإِنَّ أَبَا هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ فُلَانٌ قَبَضَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنِّي قَبْضًا صَحِيحًا وَتُوُفِّيَ قَبْلَ رَدِّ ذَلِكَ إلَيَّ مُجَهِّلًا لَهَا مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ، وَصَارَتْ قِيمَةُ جَمِيعِ ذَلِكَ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ فَرُدَّ الْمَحْضَرُ بِعِلَّةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ فِي دَعْوَاهُ وَالشُّهُودَ فِي شَهَادَتِهِمْ لَمْ يُبَيِّنُوا قِيمَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَوْمَ التَّجْهِيلِ، إنَّمَا بَيَّنُوا قِيمَتَهَا يَوْمَ الدَّفْعِ، وَالْوَاجِبُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ بَيَانُ قِيمَةِ الْأَعْيَانِ يَوْمَ التَّجْهِيلِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ التَّجْهِيلُ فَيُرَاعَى الْقِيمَةُ يَوْمَ التَّجْهِيلِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (قُلْتُ) قَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كَفَالَةِ الْأَصْلِ رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا عَبْدًا وَجَحَدَهُ الْمُودَعُ وَمَاتَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُودِعُ بَيِّنَةً عَلَى الْإِيدَاعِ وَعَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ قَضَى عَلَى الْمُودَعِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ، وَلَوْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجُحُودِ وَلَكِنْ عَلِمْنَا قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِيدَاعِ وَهِيَ كَذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْمُودَعِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الْإِيدَاعِ، وَهَذَا لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُودَعِ فِي فَصْلِ الْجُحُودِ إذَا عَلِمَ قِيمَةَ الْوَدِيعَةِ يَوْمَ الْجُحُودِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجُحُودِ وَعَلِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِيدَاعِ فَسَبَبُ الضَّمَانِ فِي حَقِّهِ الْقَبْضُ بِحُكْمِ الْإِيدَاعِ، وَهَذَا لِأَنَّ الضَّمَانَ، إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ بِالْجُحُودِ وَالْقَبْضِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ لَوْ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ، وَقَالَ: لَا وَدِيعَةَ لَكَ عِنْدِي وَكَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ.

وَإِذَا كَانَ قَبَضَهَا، وَلَمْ يَجْحَدْ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا وَالْجُحُودُ آخِرُهُمَا وُجُودًا فَيُحَالُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ مَا أَمْكَنَ وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ فَقَدْ أَمْكَنَ إحَالَةُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فَجَعَلْنَا سَبَبَ الضَّمَانِ فِي حَقِّهِ الْجُحُودَ وَأَوْجَبْنَا قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجُحُودِ وَإِذَا لَمْ يَشْهَدُوا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ وَشَهِدُوا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْإِيدَاعِ تَعَذَّرَ إحَالَةُ الضَّمَانِ عَلَى الْجُحُودِ وَأَحَلْنَاهُ عَلَى الْقَبْضِ السَّابِقِ وَجَعَلْنَا سَبَبَ الضَّمَانِ فِي حَقِّهِ الْقَبْضَ السَّابِقَ، وَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ: لَا نَعْلَمُ قِيمَتَهُ أَصْلًا لَا يَوْمَ الْجُحُودِ وَلَا يَوْمَ الْإِيدَاعِ فَإِنَّمَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِمَا يُقِرُّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ كَمَا فِي الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِمَا يُقِرُّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي مَسْأَلَةِ التَّجْهِيلِ إذَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ بِقِيمَةِ الْبِضَاعَةِ يَوْمَ التَّجْهِيلِ وَشَهِدُوا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْإِبْضَاعِ أَنْ يَقْضِيَ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْإِبْضَاعِ، وَإِنْ قَالُوا: لَا نَعْرِفُ قِيمَتَهَا أَصْلًا يُقْضَى بِمَا يُقِرُّ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْإِبْضَاعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

(سِجِلٌّ لَمْ يُكْتَبْ فِي آخِرِهِ: وَحَكَمْتُ بِكَذَا فِي مَجْلِسِ قَضَائِي بِكُورَةِ كَذَا تَرَكُوا ذِكْرَ الْكُورَةِ) فَرُدَّ السِّجِلُّ بِعِلَّةِ أَنَّ الْمِصْرَ شَرْطُ نَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، قَالُوا: لَيْسَ أَنَّهُ كَتَبَ فِي أَوَّلِ السِّجِلِّ حَضَرَ مَجْلِسَ قَضَائِي فِي كُورَةِ كَذَا، قِيلَ هَذَا حِكَايَةُ أَوَّلِ الدَّعْوَى، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى فِي الْكُورَةِ، وَالْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>