للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحِنْطَةُ كَيْلِيَّةٌ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهَا بِالْوَزْنِ وَالْمَنِّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ. وَالثَّالِثُ - أَنَّهُ قَالَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ مِثْلِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ التَّرِكَةِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ أَدَاءُ الدَّيْنِ مِنْ عَيْنِ التَّرِكَةِ لَا مَحَالَةَ بَلْ الْوَارِثُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَدَّى الدَّيْنَ مِنْ التَّرِكَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الدَّيْنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا شَرْطُ قِيَامِ التَّرِكَةِ فِي يَدِ الْوَارِثِ لِتَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ عَلَيْهِ لَا لِلْأَدَاءِ مِنْهَا، وَالْخَلَلُ الثَّالِثُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْوُجُوبِ فِي التَّرِكَةِ إلَّا أَنَّ لِلْوَارِثِ وِلَايَةَ اسْتِخْلَاصِ التَّرِكَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ الْوُجُوبِ فِي التَّرِكَةِ تَسْتَقِيمُ دَعْوَى الْأَدَاءِ مِنْ التَّرِكَةِ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ.

[مَحْضَر فِيهِ دعوى قبض الْعَدْلِيَّات بِغَيْرِ حَقّ وَاسْتِهْلَاكِهَا]

(مَحْضَرٌ فِيهِ دَعْوَى قَبْضِ الْعَدْلِيَّاتِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَاسْتِهْلَاكِهَا) صُورَتُهُ ادَّعَى هَذَا الَّذِي حَضَرَ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ قَبَضَ مِنْ هَذَا الَّذِي حَضَرَ دَرَاهِمَ عَدْلِيَّةً وَبَيَّنَ عَدَدَهَا وَصِفَتَهَا وَجِنْسَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَاسْتَهْلَكَهَا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَدَاءُ مِثْلِ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْعَدْلِيَّةِ إنْ كَانَ يُوجَدُ مِثْلُهَا أَوْ قِيمَتُهَا إنْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهَا وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ كَانَتْ كَذَا وَالْيَوْمَ كَذَا فَظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى نَوْعَ خَلَلٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ قَبَضَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَاسْتَهْلَكَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الِاسْتِهْلَاكَ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَالِك وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ بِأَمْرِهِ وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا الْقَائِلِ أَنَّ الِاسْتِهْلَاكَ إنْ كَانَ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِمَكَانِ الِاحْتِمَالِ فَالْغَصْبُ السَّابِقُ كَافٍ فَيُمْكِنُ إيجَابُ الضَّمَانِ بِالْغَصْبِ السَّابِقِ، وَقِيلَ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ الضَّمَانِ فِي الْغَصْبِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِقَبْضِهِ الدَّرَاهِمَ وَالْمَالِكَ إذَا رَضِيَ بِقَبْضِ الْغَاصِبِ، وَقَدْ كَانَ الْغَاصِبُ قَبَضَ لِلْحِفْظِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّرْفِ.

وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّ هَذَا الْخَلَلَ الْمَذْكُورَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ بِخَلَلٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْغَصْبَ وَالْقَبْضَ بِغَيْرِ حَقٍّ فِي نَفْسِهِ يَصْلُحُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِهْلَاكُ فِي نَفْسِهِ يَصْلُحُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ إلَّا أَنَّ أَمْرَ الْمَالِكِ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَإِجَازَتَهُ قَبْضَ الْغَاصِبِ مُبْرِئٌ لَهُ مِنْ الضَّمَانِ فَلَيْسَ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْمُبْرِئِ عَنْ الضَّمَانِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا إلَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ ذَلِكَ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ بَيَانُ ذَلِكَ عَلَى الْمُدَّعِي، ثُمَّ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعِي ذَكَرَ الِاسْتِهْلَاكَ فِي الدَّعْوَى، إنَّمَا ذَكَرَ الْقَبْضَ بِغَيْرِ حَقٍّ يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا تَسْلِيمَ عَيْنِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ إذَا كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا وَثَبَتَ قَبْضُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمُ عَيْنِهَا لِمَا عُرِفَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ يَتَعَيَّنَانِ فِي الْغُصُوبِ وَطَالَبَهُ الْمُدَّعِي بِتَسْلِيمِ عَيْنِهَا وَإِذَا عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ عَيْنِهَا فَيُسَلِّمُ مِثْلَهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمِثْلِ فَيُسَلِّمُ الْقِيمَةَ وَمِنْ الْأَئِمَّةِ مَنْ قَالَ: لِلْمُدَّعِي أَنْ يُطَالِبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا بِإِحْضَارِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا، ثُمَّ يُطَالِبَهُ بِتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ، وَلَكِنْ نَقُولُ: طَلَبُ الْإِحْضَارِ عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ هَاهُنَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِحْضَارَ، إنَّمَا يُطْلَبُ فِي الْمَنْقُولَاتِ حَتَّى إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَشَارُوا إلَى الْمُدَّعَى بِهِ وَالشُّهُودُ لَا يُمْكِنُهُمْ الْإِشَارَةُ هَاهُنَا فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ هَلْ هِيَ عَيْنُ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ الدَّرَاهِمَ يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَتَقَعُ الْإِشَارَةُ إلَى غَيْرِهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ فَإِنَّهَا تُعْرَفُ ظَاهِرًا إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الدَّرَاهِمِ عَلَامَةٌ يُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا مِنْ جِنْسِهَا فَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ الْإِحْضَارُ

[مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الثَّمَنِ]

(مَحْضَرٌ فِي دَعْوَى الثَّمَنِ) صُورَتُهُ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْأَطْلَسِ الْعَدَنِيِّ وَبَيَّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>