للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَرَائِطِ كَذَا وَسَلَّمَهُ إلَى مُتَوَلٍّ كَانَ وَلَّاهُ يَوْمَ الْوَقْفِ وَصَارَتْ وَقْفِيَّةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مُسْتَفِيضَةً مَشْهُورَةً، وَصَارَ هَذَا الْوَقْفُ مِنْ الْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ الْمَشْهُورَةِ فَأَنْتَ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الدُّيُونِ الَّتِي عَلَى النَّاسِ، وَقَدْ ثَبَتَ وَقْفِيَّةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ، وَصَارَتْ مِنْ الْأَوْقَافِ الْمَشْهُورَةِ وَيَتَحَقَّقُ شَرْطُ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدُّيُونِ الَّتِي لِفُلَانٍ عَلَى النَّاسِ وَلِفُلَانٍ الْمُوَكَّلِ عَلَى هَذَا الْمَحْضَرِ دَيْنُ كَذَا كَذَا فَأَجَابَ الْخَصْمُ، وَقَالَ (بِلَا فُلَان ترا وكيل كرده است بران وَجْه كه دعوى اميكني وَكَاَلَّتِي مَعْلُوم بآن شَرْط كه ياد كردي ومرا بِفُلَانِ جندين كه دعوى ميكني دادني نيست ولكن مرا از وقفيت أَيْنَ مَوْضِع مَعْلُوم نيست وازشهرت وَاسْتَفَاضَتْ أَوْ خَيَّرَنِي ومرايتوا باين وَجْه كه دعوى ميكني دادني نيست) أَحْضَرَ الْمُدَّعِي نَفَرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ شُهُودُهُ يَشْهَدُونَ لَهُ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهَا وَسَاقُوا الشَّهَادَةَ عَلَى سُنَنِهَا، وَذَكَرُوا أَنَّ فُلَانًا وَقَفَ هَذِهِ الضِّيَاعَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ عَلَى كَذَا بِشَرَائِطِ كَذَا وَحَكَمَ الْقَاضِي بِثُبُوتِ الْوَقْفِيَّةِ وَتَحَقَّقَ شَرْطُ الْوَكَالَةِ وَلُزُومُ الْمَالِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَلَّفَهُ أَدَاءَ ذَلِكَ إلَى الْمُدَّعِي وَأَمَرَ بِكِتَابَةِ هَذَا السِّجِلِّ فَكَتَبُوا وَوَقَّعَ الْقَاضِي عَلَى صَدْرِهِ وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ، ثُمَّ اسْتَفْتَوْا عَنْ صِحَّةِ السِّجِلِّ كَمَا هُوَ فَأَجَابَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بِصِحَّتِهِ.

وَأَجَابَ الْمُحَقِّقُونَ بِفَسَادِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي عِلَّةِ الْفَسَادِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: لِأَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَشَرَائِطِهِ بِالشُّهْرَةِ وَالِاسْتِفَاضَةِ، وَالشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ جَائِزَةٌ وَعَلَى شَرَائِطِهِ (لَا) ، وَإِذَا لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّرَائِطِ، وَالشُّهُودُ شَهِدُوا بِهِمَا لَا تُقْبَلُ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ أَيْضًا هُنَا: إمَّا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ وَاحِدَةٌ فَإِذَا بَطَلَتْ فِي الْبَعْضِ بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ، أَوْ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَمَّا لَمْ تَحِلَّ لَهُمْ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّرَائِطِ بِالشُّهْرَةِ فَإِذَا شَهِدُوا بِهَا فَقَدْ أَتَوْا بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُمْ فَيُوجِبُ ذَلِكَ فِسْقَهُمْ، وَالْفِسْقُ يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ وَجَهْلُهُمْ بِذَلِكَ لَا يَكُونُ عُذْرًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْأَحْكَامِ، وَالْجَهْلُ بِالْحُكْمِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ عُذْرًا، وَإِنَّمَا عُلِمَ هُنَا أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالتَّسَامُعِ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِوَقْفٍ قَدِيمٍ مَضَى عَلَيْهِ سُنُونَ كَثِيرَةٌ يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا حَالَ حَيَاةِ الْوَاقِفِ، وَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ شَهِدُوا بِوَقْفٍ قَدِيمٍ مَضَى عَلَيْهِ سُنُونَ كَثِيرَةٌ يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا حَالَ حَيَاةِ الْوَاقِفِ يُعْلَمُ ضَرَر أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالتَّسَامُعِ.

وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ وَإِنْ شَهِدُوا بِوَقْفٍ قَدِيمٍ مَضَى عَلَيْهِ سُنُونَ كَثِيرَةٌ بِهَذَا لَا تَثْبُتُ الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ وَالتَّسَامُعِ لِجَوَازِ أَنَّهُمْ عَايَنُوا قَاضِيًا قَضَى بِوَقْفِيَّةِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ (وَطَرِيقٌ آخَرُ يُعْلَمُ بِهِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالتَّسَامُعِ) أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ شَهِدْنَا؛ لِأَنَّهُ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا، وَهَذَا مَقْبُولٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالُوا: شَهِدْنَا لِأَنَّا سَمِعْنَا مِنْ النَّاسِ حَيْثُ لَا تُقْبَلُ فِي ظَاهِرِ الْجَوَابِ، كَمَا لَوْ قَالُوا: شَهِدْنَا بِمَلَكِيَّةِ هَذِهِ الْعَيْنِ لِفُلَانٍ لِأَنَّا رَأَيْنَا هَذِهِ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ، ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي شَهَادَاتِ مُخْتَصَرِ عِصَامٍ وَفِي رِوَايَةٍ تُقْبَلُ، وَإِنْ فَسَرُّوا بِالسَّمَاعِ مِنْ النَّاسِ وَبِالْيَدِ، ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: إنَّمَا فَسَدَ السِّجِلُّ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُبَيِّنُوا الْمُتَوَلِّي، وَلَمْ يَسْمَعُوهُ.

وَلَمْ يَذْكُرُوا نَسَبَهُ بَلْ ذَكَرُوهُ مَجْهُولًا، وَالتَّسْلِيمُ إلَى الْمَجْهُولِ لَا يَتَحَقَّقُ وَالتَّسْلِيمُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ، وَلَا اعْتِمَادَ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ إنَّمَا الِاعْتِمَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>