للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَالنُّحَاسِ الْمُكَسَّرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَائِمًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَقِيَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ مِثْلَ السِّعْرِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَقَلَّ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَدْ هَلَكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ مِثْلَ السِّعْرِ فِي بَلْدَةِ الْخُصُومَةِ فَالْغَاصِبُ يَبْرَأُ بِرَدِّ الْمِثْلِ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَيْضًا يُطَالِبُهُ بِرَدِّ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ أَكْثَرَ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِرَدِّ الْمِثْلِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بِقِيمَتِهِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ.

وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ فَلِلْغَاصِبِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِثْلَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ إلَّا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَلَوْ أَلْزَمْنَا الْغَاصِبَ تَسْلِيمَ الْمِثْلِ عَلَى التَّعْيِينِ يَسْتَضِرُّ بِهِ الْغَاصِبُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ زِيَادَةُ قِيمَةٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَخَيَّرْنَاهُ بَيْنَ إعْطَاءِ الْمِثْلِ فِي الْحَالِ وَبَيْنَ إعْطَاءِ الْقِيمَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ لِلْحَالِ، إذَا عَرَفْتَ جَوَابَ هَذِهِ الْفُصُولِ خَرَجَ جَوَابُ الْمَحْضَرِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النُّحَاسِ بِبُخَارَى مِثْلَ قِيمَةِ النُّحَاسِ بِمَرْوَ فَحَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي ذَلِكَ النُّحَاسِ، فَإِنْ ادَّعَى الْمِثْلَ صَحَّ دَعْوَاهُ وَمَا لَا فَلَا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النُّحَاسِ بِمَرْوَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِبُخَارَى فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِقِيمَتِهِ بِمَرْوَ يَوْمَ الْخُصُومَةِ فَأَيُّ ذَلِكَ شَاءَ وَعَيَّنَهُ وَادَّعَاهُ يَصِحُّ دَعْوَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِبُخَارَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِمَرْوَ وَيُطَالِبُ الْغَاصِبَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ الْغَاصِبُ وَيَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: أَدِّ أَيَّهُمَا شِئْتَ، إمَّا قِيمَتَهُ بِمَرْوَ وَإِمَّا مِثْلَهُ فِي الْحَالِ.

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) صُورَتُهُ حَضَرَ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْجَدِّ فَأُجِيبَ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ، وَفِي الْحَاضِرِ الْإِشَارَةُ تَكْفِي، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الِاسْمِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى ذِكْرِ الْجَدِّ، وَأَمَّا فِي الْغَائِبِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الصَّحِيحُ.

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) صُورَتُهُ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى وَرَثَةِ زَوْجِهَا بَقِيَّةَ مَهْرِهَا الَّذِي كَانَ لَهَا، وَأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ لَهَا بِذَلِكَ طَائِعًا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَهَا ذَلِكَ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمْ مَا فِيهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَزِيَادَةٌ، وَفِيهِ جَوَابُ الْإِمَامِ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْفَسَادِ بِعِلَّةِ أَنَّهَا لَمْ تُبَيِّنْ أَعْيَانَ التَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ وَتَعْرِيفِهَا بِمَا يَقَعُ بِهِ الْمَعْرِفَةُ نَحْوُ ذِكْرِ الْحُدُودِ فِي الْمَحْدُودَاتِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْضُهُمْ شَرَطُوا بَيَانَ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْحَاكِمُ أَحْمَدُ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي شُرُوطِهِ ذَكَرَ فِي سِجِلِّ إثْبَاتِ الدَّيْنِ، إنْ أَجْمَلَ كَانَ كَافِيًا، وَإِنْ بَيَّنَ وَفَسَّرَ كَانَ أَحْوَطَ، وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَشْتَرِطْ بَيَانَ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْوَفَاءِ بِالدَّيْنِ وَالْخَصَّافُ ذَكَرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ الْيَمِينِ عَلَى الْعِلْمِ مِثْلَ مَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ لِإِثْبَاتِ الدَّيْنِ وَالْقَضَاءِ بِهِ، وَلَكِنْ إنَّمَا يَأْمُرُ الْقَاضِي الْوَارِثَ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ إذَا ثَبَتَ وُصُولُ التَّرِكَةِ إلَيْهِمْ، وَعِنْدَ إنْكَارِهِمْ وُصُولُ التَّرِكَةِ إلَيْهِمْ لَا يُمْكِنُ لِلْمُدَّعِي إثْبَاتُهُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمْ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ وَهَكَذَا حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَرُدَّ مَحْضَرٌ) فِيهِ ذِكْرُ إقْرَارٍ بِمَالٍ فَرَدَّهُ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِطَوْعٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>