للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا دَفْعًا؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ دَعْوَى الشَّيْءِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ لِلْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ طَلَبُ الصُّلْحِ عَنْ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا فَكَذَا هُنَا طَلَبُ الصُّلْحِ مِنْ الِابْنِ عَنْ دَعْوَى الْمَهْرِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِمَهْرِهَا، وَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَبَ الصُّلْحَ عَنْ مَهْرِي فَالْمَسْأَلَةُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا لِأَنَّ طَلَبَ الصُّلْحِ عَنْ الشَّيْءِ إقْرَارٌ بِذَلِكَ الشَّيْءِ لِلْمُدَّعِي فَتُثْبِتُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ إقْرَارَ الِابْنِ بِصَدَاقِهَا عَلَى أَبِيهِ، وَقَدْ تُثْبِتُ بَيِّنَةُ الِابْنِ إبْرَاءَ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَ عَنْ الصَّدَاقِ، وَلَمْ يُعْرَفْ بَيْنَهُمَا تَارِيخٌ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا وَقَّعَا مَعًا الْإِبْرَاءَ وَالطَّلَبَ لِلصُّلْحِ فَيَصِيرُ الِابْنُ رَادًّا الْإِبْرَاءَ بِطَلَبِ الصُّلْحِ عَنْ الصَّدَاقِ وَرَبُّ الدَّيْنِ إذَا أَبْرَأَ الْمَيِّتَ عَنْ الدَّيْنِ فَرَدَّ الْوَارِثَ إبْرَاءَهُ، هَلْ يَرْتَدُّ الْإِبْرَاءُ بِرَدِّهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْتَدُّ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرْتَدُّ فَيَصِحُّ الدَّفْعُ.

(سِجِلٌّ وَرَدَ مِنْ خُوَارِزْمَ فِي إثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ) ، وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا أَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَى مُوَافَقَةِ الدَّعْوَى فَظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ خَلَلٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْمُحَاضَرَاتِ أَنَّ تَرْكَ لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ خَلَلٌ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى، وَلَيْسَ بِخَلَلٍ فِي السِّجِلِّ، وَذَكَرَ فِيهِ أَيْضًا: وَقَضَيْتُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا، وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ بِحَضْرَتِهِمَا فَظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ خَلَلٌ.

وَلَيْسَ بِخَلَلٍ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِحَضْرَتِهِمَا حَمْلًا لِقَضَائِهِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَقَدْ غَلِطُوا فِي الِاسْم فَجَعَلُوا اسْمَ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ وَاسْمَ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ فَظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ خَلَلٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِخَلَلٍ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ وَالْمُوَكِّلَ مُتَخَاصِمَانِ، وَقَدْ وُجِدَتْ الْإِشَارَةُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْمِ.

(عُرِضَ سِجِلٌّ كُتِبَ فِي آخِرِهِ) ثَبَتَ عِنْدِي، وَلَمْ يَكْتُبْ " حَكَمْتُ " فَرُدَّ السِّجِلُّ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ، وَأَنَّهُ سَهْوٌ فَقَوْلُ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ " حَكَمْتُ ".

(عُرِضَ سِجِلٌّ فِي دَعْوَى الْوَقْفِيَّةِ) صُورَتُهُ حَضَرَ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَ نَفْسِهِ فُلَانًا، وَهَذَا الْحَاضِرُ مَأْذُونٌ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي فُلَانٍ فِي دَعْوَى وَقْفِيَّةِ الضَّيْعَةِ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا نَصَّبَهُ الْقَاضِي فُلَانٌ لِيُثْبِتَ الْوَقْفِيَّةَ عَلَى فُلَانَةَ وَأَوْلَادِهَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا وَقَفَهَا فُلَانٌ عَلَى ابْنَتِهِ فُلَانَةَ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهَا وَبَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ عَلَى مَسْجِدٍ جَامِعٍ كَذَا فَادَّعَى هَذَا الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الْمُحْضِرَ أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى هَذِهِ الضَّيْعَةِ الْمَحْدُودَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى فُلَانَةَ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ وَتَسْلِيمُهَا إلَيَّ لِأَقْبِضَهَا بِالْإِذْنِ الْحُكْمِيِّ، فَقِيلَ: هَذَا السِّجِلُّ وَقَعَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَذْكُرْ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ يَدَّعِي الْوَقْفِيَّةَ لِيَصْرِفَ الْغَلَّةَ إلَى فُلَانَةَ وَأَوْلَادِهَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا أَوْ لِيَصْرِفَ الْغَلَّةَ إلَى مَصَالِحِ الْجَامِعِ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَى تَقْدِيرِ بَقَاءِ فُلَانَةَ أَوْ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِهَا أَوْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهَا لَا تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَى مَصَالِحِ الْجَامِعِ وَعَلَى تَقْدِيرِ انْقِرَاضِهِمْ فَالْمُدَّعِي لَيْسَ بِخَصْمٍ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا نَصَبَهُ لِيَدَّعِيَ وَقْفِيَّةُ هَذِهِ الضَّيْعَةِ لِهَؤُلَاءِ لَا لِلْجَامِعِ، وَقِيلَ: السِّجِلُّ صَحِيحٌ، وَهَذَا الْخَلَلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ الْمَصَارِفَ مُخْتَلِفَةٌ، وَالْبَعْضُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْبَعْضِ فَالْإِذْنُ مِنْ الْقَاضِي بِدَعْوَى وَقْفِيَّةِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ لِأَجْلِ الْبَعْضِ يَكُونُ إذْنًا بِدَعْوَى وَقْفِيَّتِهَا لِأَجْلِ الْكُلِّ فَصَارَ مَأْذُونًا بِدَعْوَى الْوَقْفِيَّةِ لِأَجْلِ الْكُلِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَعْيِينِ الْمَصَارِفِ فِي الدَّعْوَى وَيَكْفِيهِ دَعْوَى أَصْلِ الْوَقْفِيَّةِ، ثُمَّ إذَا ثَبَتَ أَصْلًا، فَإِنْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ إلَيْهِ وَإِلَّا تُصْرَفُ إلَى مَصَالِحِ الْجَامِعِ.

(عُرِضَ سِجِلٌّ فِي دَعْوَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ) وَكَانَ فِي الدَّعْوَى أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ، وَأَنَّهُ عُلِقَ حُرًّا وَوُلِدَ عَلَى فِرَاشِ الْحُرِّيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>