للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَجَزَ هُوَ عَنْهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ يَكْتُبُ: وَقَدْ أَذِنَ هَذَا الْوَصِيُّ لِهَذَا الْحَاجِّ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ إنْ مَرِضَ أَوْ أَصَابَتْهُ آفَةٌ أَوْ عَرَضَ لَهُ أَمْرٌ فَأَعْجَزَهُ وَمَنَعَهُ عَنْ الشُّخُوصِ وَالْمُرُورِ عَلَى وَجْهِهِ أَنْ يَدْفَعَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ مِنْ هَذَا الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِيهِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ بِعَيْنِهِ أَوْ كِسْوَةٌ اشْتَرَاهَا أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ حَوَائِجِهِ فَجَعَلَ إلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَخْتَارُهُ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقِيَامِ بِهَذَا الْحَجِّ وَالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ فَيَأْمُرُهُ بِهِ وَيُقِيمُهُ فِي ذَلِكَ مُقَامَ نَفْسِهِ وَيَأْذَنُ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى مَا وَصَفَ فِيهِ وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ مُوَاجَهَةً وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[الْفَصْلُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْعَوَارِيِّ وَالْتِقَاطِ اللُّقَطَة]

(الْفَصْلُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْعَوَارِيِّ وَالْتِقَاطِ اللُّقَطَة) إذَا اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا فَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّارِ أَنْ يَسْتَوْثِقَ مِنْهُ كَيْفَ يَكْتُبُ؟ .

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: يَكْتُبُ: هَذَا كِتَابٌ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُعِيرَ - مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُسْتَعِيرَ - إنَّكَ أَسْكَنْتَنِي الدَّارَ الَّتِي هِيَ لَكَ فِي بَلْدَةِ كَذَا أَحَدُ حُدُودِهَا كَذَا وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَذَا، هَكَذَا كَانَ يَكْتُبُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَالطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَانَا يَكْتُبَانِ أَسْكَنْتَنِي دَارَكَ عَلَى أَنْ أَسْكُنَهَا وَأُسْكِنَ غَيْرِي، فَالْأَجْنَبِيُّ يَكُونُ لَهُ إسْكَانُ غَيْرِهِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّ الْمُعِيرَ لَوْ لَمْ يَقُلْ لِلْمُسْتَعِيرِ عَلَى أَنْ تُسْكِنَ غَيْرَكَ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُسَكِّنَ غَيْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ عِنْدَهُ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُعِيرِ وَأَمَّا عِنْدَنَا فَالْإِعَارَةُ إنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً بِأَنْ قَالَ: أَعَرْتُكَ وَلَمْ يَقُلْ: لِتَنْتَفِعَ بِهِ أَنْتَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَيُعِيرَ غَيْرَهُ حَتَّى يَنْتَفِعَ.

سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ أَوْ مِمَّا لَا يَتَفَاوَتُ وَإِنْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُقَيَّدَةً بِأَنْ قَالَ: أَعَرْتُكَ لِتَنْتَفِعَ بِهِ أَنْتَ إنْ كَانَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُعِيرَ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ نَحْوُ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ. وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا لَا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ فَلَهُ أَنْ يُعِيرَ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ نَحْوُ سُكْنَى الدَّارِ وَأَشْبَاهِهَا وَإِذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلِفَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - اخْتَارَا ذَلِكَ لِتَصِيرَ الْمَسْأَلَةُ مُجْمَعًا عَلَيْهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ يَكْتُبُ وَدَفَعْتَهَا إلَيَّ وَقَبَضْتُهَا مِنْكَ فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا فَقَدْ ذَكَرَ التَّارِيخَ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ إنَّمَا فَعَلَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَارِيَّةِ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فَعِنْدَ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَارِيَّةُ أَمَانَةٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَضْمُونَةٌ فَيَذْكُرُ التَّارِيخَ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ حَتَّى إذَا رَفَعَ إلَى قَاضٍ يَرَى أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ أَيِّ وَقْتٍ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ

وَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَعِيرُ أَنْ يَكْتُبَ الْمُعِيرُ لَهُ كِتَابًا بِالسُّكْنَى يَكُونُ عِنْدَهُ كَيْفَ يَكْتُبُ قَالُوا وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ السَّاكِنُ إلَى الْكِتَابِ حَتَّى لَا يَدَّعِيَ الْمَالِكُ أَنَّكَ سَكَنْتَ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَيَرْفَعَانِ إلَى قَاضٍ يَرَى تَقْوِيمَ الْمَنَافِعِ بِغَيْرِ عَقْدٍ لِيَقْضِيَ عَلَيْهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ إذَا انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاهُ فَإِنَّ الْمَالِكَ يَضْمَنُهُ إذَا كَانَ انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاهُ.

ثُمَّ صُورَةُ هَذَا الْكِتَابِ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُعِيرَ - لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُسْتَعِيرَ - أَنِّي أَسْكَنْتُكَ الدَّارَ الَّتِي فِي مَحَلَّةِ كَذَا أَحَدُ حُدُودِهَا كَذَا إلَى آخِرِهِ عَلَى أَنْ تَسْكُنَ بِنَفْسِكَ وَتُسَكِّنُ مَنْ شِئْتَ وَقَدْ دَفَعْتُهَا إلَيْكَ وَقَبَضْتَهَا مِنِّي فِي شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ يَكْتُبُونَ: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانًا اسْتَعَارَ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَحُدُّهَا سَنَةً كَامِلَةً أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا آخِرُهَا سَلْخَ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا لِيَسْكُنَهَا فُلَانٌ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ - يَعْنِي الْمُسْتَعِيرَ - مَا شَاءَ مِنْهَا بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَحَشَمِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَأَضْيَافِهِ وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ النَّاسِ كُلِّهِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ هَذِهِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>