للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحُدُّهَا رَهَنَهُ هَذِهِ الدَّارَ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا بِكَذَا دِرْهَمٍ كَانَتْ لِهَذَا الْمُرْتَهِنِ عَلَى هَذَا الرَّاهِنِ حَقًّا وَاجِبًا وَدَيْنًا لَازِمًا بِسَبَبٍ صَحِيحٍ رَهْنًا جَائِزًا نَافِذًا لَا فَسَادَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ، وَيَذْكُرُ الْقَبْضَ وَالْإِشْهَادَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(كِتَابُ مَنْ جَانَبَ الْمُرْتَهِنَ فِي هَذَا) هَذَا مَا ارْتَهَنَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ دَارِهِ إلَى قَوْلِنَا بِدَيْنٍ كَانَ لِهَذَا الْمُرْتَهِنِ عَلَى هَذَا الرَّاهِنِ وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا ارْتِهَانًا صَحِيحًا جَائِزًا نَافِذًا إلَى آخِرِهِ فَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ فِيهِ بِالِانْتِفَاعِ كَتَبْت وَقَدْ أَذِنَ هَذَا الرَّاهِنُ لِهَذَا الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْكُنَ هَذِهِ الدَّارَ بِنَفْسِهِ وَيُسْكِنَهَا مَنْ شَاءَ وَيَنْتَفِعَ بِهَا عَلَى مَا أَحَبَّ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَانَ فِي هَذَا الرَّهْنِ أَوْ أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا نَهَاهُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا عَلَى مَا وُصِفَ فِيهِ فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي ذَلِكَ إذْنًا مُسْتَقْبَلًا مَا لَمْ يَقْبِضْ هَذَا الرَّاهِنُ وَأَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ هَذَا الدَّيْنَ وَقَبِلَ هَذَا الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ مِنْهُ مُوَاجَهَةً وَيُتِمُّ الْكِتَابَ.

(الْإِقْرَارُ بِرَهْنٍ مَنْقُولٍ) أَقَرَّ فُلَانٌ طَائِعًا أَنَّهُ رَهَنَ عَبْدَهُ فُلَانًا اسْمُهُ كَذَا وَصِفَتُهُ كَذَا وَقِيمَتُهُ كَذَا بِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ كَذَا رَهْنًا مَقْبُوضًا صَحِيحًا، عَلَى أَنْ يَحْفَظَ الرَّهْنَ هَذَا الْمُرْتَهِنُ بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ عِيَالِهِ، وَيَحْبِسَهُ بِدَيْنِهِ وَلَا يَسْتَعْمِلَهُ وَلَا يُخْرِجَهُ مِنْ يَدِهِ وَلَا يَسْتَهْلِكَهُ فَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ أَوْ ضَيَّعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ مِنْ دَيْنِهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ هَذَا الْمُرْتَهِنُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ تَصْدِيقًا صَحِيحًا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْفَصْلُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْأَوْقَافِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى أَنْوَاعٍ]

[اتِّخَاذِ الْمُسْلِم دَاره مَسْجِدًا]

(الْفَصْلُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْأَوْقَافِ) هَذَا الْفَصْلُ يَشْتَمِلُ عَلَى أَنْوَاعٍ

(النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي اتِّخَاذِ الْمَسْجِدِ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا اتَّخَذَ دَارِهِ لِلْمُسْلِمِينَ مَسْجِدًا وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ إلَى الْمُتَوَلِّي وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ فَصَلَّى فِيهِ قَوْمٌ بِجَمَاعَةٍ يَصِيرُ مَسْجِدًا بِاتِّفَاقٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِخِلَافِ مَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي سَائِرِ الْأَوْقَافِ وَالتَّسْلِيمُ شَرْطٌ لِصَيْرُورَتِهِ مَسْجِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ بِشَرْطٍ غَيْرَ أَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ عِنْدَهُمَا بِطَرِيقَتَيْنِ: أَحَدُهُمَا: بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُتَوَلِّي.

وَالثَّانِي: بِالصَّلَاةِ فِيهِ، ثُمَّ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهِ إذَا صَلَّى الْوَاقِفُ فِيهِ أَوْ صَلَّى غَيْرُهُ فِيهِ بِجَمَاعَةٍ أَوْ بِغَيْرِ جَمَاعَةٍ يَصِيرُ مَسْجِدًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِيرُ مَسْجِدًا إلَّا إذَا صَلَّى فِيهِ بِجَمَاعَةٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا جَعَلَهُ عَلَى هَيْئَةِ الْمَسْجِدِ يَصِيرُ مَسْجِدًا وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى شَيْءٍ آخَرَ.

هَكَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ فِي شَرْحِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِهِ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُشْتَرَطُ لِصَيْرُورَتِهِ مَسْجِدًا التَّسْلِيمُ إلَى الْمُتَوَلِّي وَالصَّلَاةُ فِيهِ بِجَمَاعَةٍ.

وَعِنْدَهُمَا إذَا جَعَلَهُ عَلَى هَيْئَةِ الْمَسْجِدِ صَارَ مَسْجِدًا، فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَكْتُبُوا فِي ذَلِكَ كِتَابًا كَيْفَ يَكْتُبُونَ فَنَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كِتَابَةَ هَذَا النَّوْعِ فِي شُرُوطِ الْأَصْلِ وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ وَالْخَصَّافُ يَكْتُبَانِ هَذَا مَا جَعَلَ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ وَبَدَنِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ طَائِعًا رَاغِبًا جَعَلَ فُلَانٌ هَذَا جَمِيعَ الدَّارِ هِيَ مِلْكُهُ وَفِي يَدِهِ وَأَبُو زَيْدٍ الشُّرُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ جَعْلَ الْأَرْضِ مَسْجِدًا تَحْرِيرٌ لِلْأَرْضِ فَيُعْتَبَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>