للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجْتِهَادُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَكْتُبُ وَلَا يَحِلُّ لِوَالٍ وَلَا لِقَاضٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا.

[جَعْلِ الْأَرْضِ طَرِيقًا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ]

(نَوْعٌ آخَرُ فِي جَعْلِ الْأَرْضِ طَرِيقًا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ) فَنَقُولُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ وَعَلَى مَا حَكَيْنَا عَنْ الْحَاكِمِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ عَلَى الْوِفَاقِ وَطَرِيقُ كِتَابَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا غَيْرَ أَنَّهُ يَكْتُبُ هَهُنَا وَقَفَ عَلَى أَرْضِهِ عَلَى أَنْ تَكُونَ طَرِيقًا لِعَامَّةِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ يُسَاوِي الْمُسْلِمَ فِي الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ وَالطَّرِيقُ فِي هَذَا نَظِيرُ الرِّبَاطِ بِخِلَافِ الْمَقْبَرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ فِي مَقْبَرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

[اتِّخَاذِ الْقَنْطَرَةِ]

(نَوْعٌ آخَرُ فِي اتِّخَاذِ الْقَنْطَرَةِ) وَطَرِيقُ كِتَابَتِهِ هَذَا مَا شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا جَعَلَ قَنْطَرَتَهُ الَّتِي بَنَاهَا عَلَى نَهْرِ كَذَا أَوْ عَلَى وَادِي كَذَا وَيَكْتُبُ بِإِذْنِ سُلْطَانِ الْوَقْتِ إنْ كَانَ الْوَادِي أَوْ النَّهْرُ لِلْعَامَّةِ، وَإِنْ كَانَ لِقَوْمٍ مَخْصُوصِينَ يَكْتُبُ بِإِذْنِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ يَكْتُبُ بِإِذْنِ فُلَانٍ وَيُبَيِّنُ أَنَّهَا مِنْ خَشَبٍ أَوْ آجُرٍّ وَيُبَيِّنُ أَنَّهَا عَلَى طَاقٍ أَوْ طَاقَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ طَاقَاتٍ لِيَكُونَ طَرِيقَ الْمُرُورِ لِعَامَّةِ النَّاسِ إلَى آخِرِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

[جَعْلِ الْخَيْلِ وَمَتَاعِهِ وَسِلَاحِهِ لِلسَّبِيلِ]

(نَوْعٌ آخَرُ فِي جَعْلِ الْخَيْلِ وَمَتَاعِهِ وَسِلَاحِهِ لِلسَّبِيلِ) يَكْتُبُ فِيهِ وَجَعَلَ جَمِيعَ خَيْلِهِ وَهِيَ كَذَا وَكَذَا وَجَمِيعَ سِلَاحِهِ وَهُوَ كَذَا وَقْفًا مُؤَبَّدًا حَبْسًا جَائِزًا قَائِمَةً عَلَى حَالِهَا عِدَّةً لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَعْمِلُهَا أَهْلُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ عَلَى أَنَّ الرَّأْيَ فِي الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ لِلْقَوَّامِ عَلَيْهَا أَبَدًا إلَى مَنْ أَحَبُّوا مِنْ مُسْتَعْمَلِيهَا كَيْفَمَا شَاءُوا وَكُلَّمَا شَاءُوا وَيَذْكُرُ عَلَى أَنْ لَا يَقُومَ عَلَيْهِ أَبَدًا إلَّا الْمَعْرُوفُ بِصَلَاحِهِ وَعَفَافِهِ، عَلَى أَنَّهُ إنْ تَغَيَّرَ مِنْهَا شَيْءٌ لِمَرَضٍ أَوْ فَسَادٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ كَسْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَصْلُحُ لِلْجِهَادِ بَاعَهُ الْقَيِّمُ وَاسْتَبْدَلَ بِقِيمَتِهِ غَيْرَهُ مِمَّا يَصْلُحُ مِنْ الْجِهَادِ كُلُّ قَيِّمٍ كَانَ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ يَسْتَبْدِلُ مَا لَمْ يَبْقَ صَالِحًا لِلْجِهَادِ وَيَحْبِسُهُ عِنْدَ نَفْسِهِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ، عَلَى هَذَا يَجْرِي أَمْرُهَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، وَعَلَى هَذَا الْعَوَامِلُ وَالْحَوَامِلُ مِنْ الدَّوَابِّ وَالنِّعَمِ إذَا سَبَّلَهَا لِحَمْلِ أَثْقَالِ أَهْلِ الْجِهَادِ وَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ لَهُمْ وَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ إذَا سَبَّلَهُمْ لِخِدْمَةِ أَهْلِ الْجِهَادِ فَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَطَرِيقُ كِتَابَتِهِ أَنْ يَكْتُبَ إلَى قَوْلِنَا: قَائِمَةً عَلَى حَالِهَا عُدَّةً لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُحْمَلُ عَلَيْهَا أَثْقَالُ أَهْلِ الْجِهَادِ وَفِي اسْتِسْقَاءِ الْمَاءِ يَكْتُبُ يُسْتَسْقَى بِهَا الْمَاءُ لِأَهْلِ الْجِهَادِ، وَفِي الْعَبِيدِ يَكْتُبُ يَخْدُمُونَ أَهْلَ الْجِهَادِ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ.

وَأَمَّا إذَا سَبَّلَ شِيَاهًا مِنْ الْأَنْعَامِ لِيُتَصَدَّقَ بِأَلْبَانِهَا وَأَوْلَادِهَا وَأَصْوَافِهَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَحْمَدُ السَّمَرْقَنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِهِ لَمْ يُسْمَعْ فِي وَقْفِهَا قَوْلًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: قَالُوا: يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا أَوْصَى بِمَا فِيهِ مِنْ بُطُونِ غَنَمِهِ أَوْ بِأَصْوَافِهَا أَوْ أَلْبَانِهَا فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَلَيْسَتْ الْوَصِيَّةُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَالْوَصِيَّةِ بِغَلَّةِ الْبُسْتَانِ وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ قَالَ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَقْفَ النَّعَمِ لِلتَّصَدُّقِ بِأَلْبَانِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَوْلَادِهَا لَا يَجُوزُ، وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا وَقَفَ بَقَرَةً عَلَى رِبَاطٍ عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ لَبَنِهَا وَسَمْنِهَا يُعْطَى لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَغْلِبُ ذَلِكَ فِي أَوْقَافِهِمْ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ جَائِزًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ جَرَى التَّعَارُفُ بِذَلِكَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَطَرِيقُ الْكِتَابَةِ فِي ذَلِكَ هَذَا مَا وَقَفَ فُلَانٌ كَذَا عَدَدًا مِنْ الْإِبِلِ أَوْ كَذَا عَدَدًا مِنْ الْبَقَرِ أَوْ كَذَا عَدَدًا مِنْ الْغَنَمِ وَقْفًا مُؤَبَّدًا حَبْسًا جَائِزًا نَافِذًا لَا فَسَادَ فِيهِ وَلَا رَجْعِيَّةَ وَلَا مَثْنَوِيَّةَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ إلَى آخِرِهِ عَلَى أَنَّ مَا يُحَصَّلُ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَوْلَادِهَا يُصْرَفُ إلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ، عَلَى أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>