للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَكْتُبُ فِيهِ إقْرَارَ الْبَائِعِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِ الضَّيْعَةِ وَإِلَّا رَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي، هَذَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا فَأَمَّا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ جَاحِدًا ذَكَرَ ثَمَّةَ أَيْضًا أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ وَقَاسَهُ عَلَى بَيْعِ الْآبِقِ، ثُمَّ قَالَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَعْلِيمِ هَذِهِ الْحِيلَةِ يُقِرُّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الضَّيْعَةَ الْمَبِيعَةَ فِي يَدَيْ غَاصِبٍ مُقِرٍّ بِالْغَصْبِ وَذَلِكَ الْمُشْتَرِي لَوْ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ رُبَّمَا طَالَبَ الْبَائِعَ بِتَسْلِيمِ الضَّيْعَةِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ حَبْسَهُ فَالْقَاضِي يَحْبِسُهُ وَإِذَا عَرَفَ الْقَاضِي إقْرَارَ الْمُشْتَرِي مَغْصُوبًا لَا يَحْبِسُهُ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ الرِّضَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِتَأْخِيرِ الْقَبْضِ إلَى وَقْتِ الْإِمْكَانِ، ثُمَّ قَالَ: وَيَشْهَدُ عَلَيْهِ الْبَائِعُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ لِيُمْكِنَهُ إثْبَاتُ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

(رَجُلٌ) أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ رَجُلٍ دَارًا وَلَمْ يَأْمَنْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ قَدْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِضِعْفِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ حَلَالًا لَهُ مَا الْحِيلَةُ فِيهِ؟ قَالَ: يَبِيعُ الْمُشْتَرِي مِنْ بَائِعِ الدَّارِ ثَوْبًا بِمِائَةِ دِينَارٍ مَثَلًا، ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْهُ الدَّارَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَيَدْفَعُهَا إلَيْهِ وَبِالْمِائَةِ الدِّينَارِ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الثَّوْبِ فَيَصِيرُ ثَمَنُ الدَّارِ مِائَتَيْ دِينَارٍ إنْ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ حَلَالًا.

(وَجْهٌ آخَرُ) أَنَّ مُشْتَرِيَ الدَّارِ يَبِيعُ ثَوْبًا لَهُ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ رَبِّ الدَّارِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَيَدْفَعُ الثَّوْبَ إلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ مُشْتَرِيَ الدَّارِ يَشْتَرِي مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ دَارِهِ وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَيَقْبِضُ الدَّارَ، ثُمَّ يَتَقَاصَّانِ الثَّمَنَ بِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ، فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ يَسْتَحِقُّ الدَّارَ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّ مُشْتَرِيَ الدَّارِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الدَّارِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَذَلِكَ ضِعْفُ مَا حَصَّلَ لَهُ الدَّارَ بِهِ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي حِيَلِ الْأَصْلِ وَقَالَ: الْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي مِنْ بَائِعِ الدَّارِ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ ثَوْبًا قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَقْبِضُ بَائِعُ الدَّارِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبِيعُ بَائِعُ الدَّارِ الثَّوْبَ مِنْ مُشْتَرِي الدَّارِ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِضِعْفِ مَا أَعْطَى فَإِنَّهُ أَعْطَى لِلْبَائِعِ فِي الْحَاصِلِ خَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ حَلَالًا لَهُ.

(رَجُلٌ) أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ دَارًا لَهُ وَجَارِيَةً أَوْ شَيْئًا آخَرَ وَيُرِيدُ أَنْ يَبْرَأَ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ إلَّا عَنْ سَرِقَةٍ أَوْ جِزْيَةٍ فَلَمْ يَأْمَنْ الْبَائِعُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي وَيَقُولُ: لَمْ تُسَمِّ عَيْبًا وَلَمْ تَضَعْ يَدَك عَلَيْهَا وَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى قَاضٍ لَا يَرَى الْبَرَاءَةَ عَنْ الْعُيُوبِ إلَّا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْبَرَاءَةِ وَيُسَمِّيَهَا مَا الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ مَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ وَيَبْرَأُ عَنْ عَيْبِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَبْرَأُ عَنْ الْعُيُوبِ كُلِّهَا، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْعُيُوبَ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُسَمِّ الْعُيُوبَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَعَ تَسْمِيَةِ الْعُيُوبِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَوْضِعِ الْعَيْبِ وَيَقُولُ: أَتَبَرَّأُ عَنْ الْعَيْبِ الَّذِي سَمَّيْت وَوَضَعْت يَدِي عَلَيْهِ. أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

ثُمَّ إذَا لَمْ يُسَمِّ الْعُيُوبَ وَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى مَحِلِّ الْعُيُوبِ لِمَا أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَسَامِيَ الْعُيُوبِ أَوْ لَا يَعْرِفُ جَمِيعَ الْعُيُوبِ الَّتِي بِالْمَبِيعِ حَتَّى يُسَمِّيَهَا وَيَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَحِلِّهَا وَخَافَ أَنْ يُرْفَعَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ لَا يَرَى الْبَرَاءَةَ عَنْ الْعُيُوبِ بِدُونِ التَّسْمِيَةِ وَبِدُونِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَحِلِّ الْعَيْبِ صَحِيحَةً وَطَلَبَ الْحِيلَةَ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ صَاحِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>