للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرَمَّةِ الدَّارِ أَنَّهُ إذَا آجَرَ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَأَمَرَهُ الْآجِرُ أَنْ يَرُمَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مَا اسْتَرَمَّ فِيهَا مِنْ أَجْرِ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّفْوِيضُ وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ، كَذَا هَذَا، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ ضَعِيفَةٌ فَإِنَّ الْآجِرَ وَالْمُسْتَأْجِرَ إذَا اخْتَلَفَا فِي أَدَاءِ الْأَخْرِجَةِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: أَدَّيْت أَخْرِجَتَهَا وَمَا هُوَ مِنْ رِيعِهَا وَكَذَّبَهُ الْآجِرُ أَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمُؤَدَّى فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُسْتَأْجِرُ فِيمَا ادَّعَى مِنْ أَدَاءِ أَخْرِجَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمِينٌ غَيْرُ أَمِينٍ، فَهُوَ بِهَذَا يُرِيدُ أَنْ يُبْرِئَ ذِمَّتَهُ عَنْ ضَمَانِ الْأُجْرَةِ وَالْآجِرُ مُنْكَرٌ لِلِاسْتِيفَاءِ فَكَانَ الْقَوْلُ لِلْآجِرِ.

وَكَذَلِكَ فِي مَرَمَّةِ الدَّارِ إذَا اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَالْحِيلَةُ الْأَوْثَقُ فِيهَا أَنْ يَدْفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى رَبِّ الْأَرْضِ جَمِيعَ الْأَجْرِ مُعَجَّلًا، ثُمَّ يَدْفَعُ ذَلِكَ رَبُّ الْأَرْضِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيُوَكِّلُهُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ عَنْهُ إلَى وُلَاةِ الْخَرَاجِ فَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي ذَلِكَ مُصَدَّقًا أَنَّهُ قَدْ أَدَّاهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ يَسْأَلُهَا إيَّاهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمَّا عَجَّلَ الْأَجْرَ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ الْأَجْرِ بِالتَّعْجِيلِ فَبَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا دَفَعَهُ رَبُّ الْأَرْضِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَوَكَّلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ إلَى وُلَاةِ الْخَرَاجِ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَمِينًا فِي هَذَا الْأَدَاءِ، فَإِذَا قَالَ: أَدَّيْت كَانَ مُصَدَّقًا كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ.

وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِي مَرَمَّةِ الدَّارِ إذَا عَجَّلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ ثُمَّ الْآجِرُ دَفَعَهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَوَكَّلَهُ أَنْ يَرُمَّ مِنْ الْأَجْرِ الْمَدْفُوعِ مَا اسْتَرَمَّ مِنْ الدَّارِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ فَعَلْتُ وَأَنْفَقْتُ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرَطَ أَدَاءَ الْخَرَاجِ إلَى وُلَاةِ الْخَرَاجِ يَعْنِي نَائِبَ السُّلْطَانِ أَوْ مَأْمُورَهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَوْ مَنْ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ إذَا أَدَّى الْخَرَاجَ إلَى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا يَبْرَأُ وَيَضْمَنُ ثَانِيًا، وَكَذَا إذَا أَدَّى إلَى جَابِي الْقَرْيَةِ أَوْ أَمِينِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَائِبِ السُّلْطَانِ وَلَا مَأْمُورٍ فَبِالْأَدَاءِ إلَيْهِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجَابِي نَائِبَ السُّلْطَانِ أَوْ مَأْمُورَهُ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ.

(وَمِنْ جِنْسِ مَسْأَلَةِ الْخَرَاجِ) مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِيَلِ الْأَصْلِ وَصُورَتُهَا رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً وَشَرَطَ الْعَلَفَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْأَجْرِ لَا يَجُوزُ وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَجْلِ الْعَلَفِ فَيَضُمَّ ذَلِكَ إلَى الْأُجْرَةِ فَيَسْتَأْجِرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، ثُمَّ يُوَكِّلَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجِرَ أَنْ يَعْلِفَهَا بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يُعَجِّلَ الْمُسْتَأْجِرُ مِقْدَارَ الْعَلَفِ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْآجِرِ ثُمَّ يَدْفَعَهُ الْآجِرُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَأْمُرَهُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَى دَابَّتِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَجِيرًا وَشَرَطَ طَعَامَ الْأَجِيرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ وَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مِقْدَارِ طَعَامِ الْأَجِيرِ وَيَضُمَّ ذَلِكَ إلَى أَجْرِهِ.

(رَجُلٌ) اسْتَأْجَرَ دَارًا مُشَاهَرَةً فَخَافَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ إنْ سَكَنَهَا شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ فَإِذَا دَخَلَ مِنْ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الدَّارِ أَنْ يَلْزَمَ أَجْرُ جَمِيعِ الشَّهْرِ الدَّاخِلِ فِيهِ فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مُيَاوَمَةً كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا فَمَتَى شَاءَ فَرَّغَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا كِرَاءُ مَا سَكَنَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا دَخَلَ مِنْ الشَّهْرِ الْآخَرِ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الدَّارِ أَنْ يَلْزَمَهُ أَجْرُ جَمِيعِ الشَّهْرِ حَقِيقَةَ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَلَكِنْ أَرَادَ بِهِ إذَا دَخَلَ الشَّهْرُ يَلْزَمُهُ إجَارَةُ ذَلِكَ الشَّهْرِ، وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَأَرَادَ أَنْ لَا تُنْتَقَضَ بِمَوْتِ الْمُؤَاجِرِ يُقِرُّ الْمُؤَاجِرُ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ لِفُلَانٍ عَشْرَةَ سِنِينَ يَزْرَعُ فِيهَا مَا شَاءَ فَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَهُوَ لَهُ.

وَوَجْهٌ آخَرُ أَنْ يُقِرَّ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَيُقِرُّ الْمُؤَاجِرُ أَنَّهُ يُؤَاجِرُهَا لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَإِذَا كَانَ فِي أَرْضِ الْإِجَارَةِ عَيْنُ النَّفْطِ وَالْقِيرِ فَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَرَبُّ الْأَرْضِ يُقِرُّ أَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَهُ حَقُّ الِانْتِفَاعِ عَشْرَ سِنِينَ فَيَجُوزُ.

وَفِي السِّرَاجِيَّةِ إذَا آجَرَ أَرْضَهُ وَفِيهَا نَخِيلٌ فَأَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ التَّمْرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ النَّخِيلَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ جُزْءًا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>