للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّقُّ يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قِنًّا وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَنْعَقِدْ لَهُ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ أَصْلًا وَبَيْنَ أَنْ يَنْعَقِدَ لَهُ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ كَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَأَمَّا الْمُسْتَسْعَى فِي إعْتَاقِ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ فَيَرِثُ وَيُورَثُ عَنْهُ، كَذَا فِي الْكَافِي.

الْقَاتِلُ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَرِثُ مِنْ الْمَقْتُولِ شَيْئًا عِنْدَنَا سَوَاءٌ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَكَذَلِكَ كُلُّ قَاتِلٍ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْخَاطِئِ كَالنَّائِمِ إذَا انْقَلَبَ عَلَى مُورِثِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ عَلَى مُورِثِهِ فَقَتَلَهُ أَوْ أَوْطَأَ بِدَابَّتِهِ مُورِثَهُ وَهُوَ رَاكِبُهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَقَتْلُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمُبَرْسَمِ وَالْمُوَسْوَسِ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الْحِرْمَانَ يَنْبَتُّ جَزَاءَ قَتْلٍ مَحْظُورٍ وَفِعْلُ هَؤُلَاءِ لَيْسَ بِمَحْظُورٍ وَالتَّسَبُّبُ إلَى الْقَتْلِ لَا يَحْرِمُ الْمِيرَاثَ كَحَافِرِ الْبِئْرِ وَوَاضِعِ الْحَجَرِ وَصَابِّ الْمَاءِ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ، وَكُلُّ قَتْلٍ أَوْجَبَ الْقِصَاصَ أَوْ الْكَفَّارَةَ كَانَ مُبَاشَرَةً فَيَحْرُمُ بِهِ الْمِيرَاثُ وَمَا لَا يُوجِبُ ذَلِكَ فَهُوَ تَسَبُّبٌ لَا يَحْرِمُ الْمِيرَاثَ وَالْقَائِدُ وَالسَّائِقُ مُتَسَبِّبَانِ، وَفِي قَتْلِ الْبَاغِي الْعَادِلِ وَعَكْسِهِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ عُرِفَ فِي السِّيَرِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

الْأَبُ إذَا خَتَنَ وَلَدَهُ أَوْ حَجَمَهُ أَوْ بَطَّ قُرْحَةً بِهِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُحْرَمْ الْمِيرَاثَ، وَلَوْ أَدَّبَ وَلَدَهُ بِالضَّرْبِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ دِيَتَهُ وَيُحْرَمُ الْمِيرَاثَ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَلَا يُحْرَمُ الْمِيرَاثَ. وَلَوْ أَنَّ الْمُعَلِّمَ هُوَ الَّذِي ضَرَبَهُ بِإِذْنِ الْأَبِ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَاخْتِلَافُ الدَّيْنِ أَيْضًا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَالْمُرَادُ بِهِ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، وَأَمَّا اخْتِلَافُ مِلَلِ الْكُفَّارِ كَالنَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَعَبَدَةِ الْوَثَنِ فَلَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ حَتَّى يَجْرِيَ التَّوَارُثُ بَيْنَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ.

وَاخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ يَمْنَعُ الْإِرْثَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَكِنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي حَقِّ أَهْلِ الْكُفْرِ لَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَرِثُهُ ابْنُهُ الَّذِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ اخْتِلَافُ الدَّارِ عَلَى نَوْعَيْنِ: حَقِيقِيٌّ كَحَرْبِيٍّ مَاتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَهُ أَبٌ أَوْ ابْنٌ ذِمِّيٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ الذِّمِّيُّ مِنْ ذَلِكَ الْحَرْبِيِّ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَهُ أَبٌ أَوْ ابْنٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ ذَلِكَ الْحَرْبِيُّ مِنْ هَذَا الذِّمِّيِّ. وَالْحُكْمِيُّ كَالْمُسْتَأْمَنِ وَالذِّمِّيِّ حَتَّى لَوْ مَاتَ مُسْتَأْمَنٌ فِي دَارِنَا لَا يَرِثُ مِنْهُ وَارِثُهُ الذِّمِّيُّ وَالدَّارُ إنَّمَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَنَعَةِ أَيْ الْجَيْشِ وَالْمِلْكِ لِانْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِذَا مَاتَ الْمُسْتَأْمَنُ عِنْدَنَا وَتَرَكَ مَالًا يَجِبُ أَنْ نَبْعَثَهُ إلَى وَرَثَتِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي مِيرَاثِ أَهْلِ الْكُفْرِ]

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي مِيرَاثِ أَهْلِ الْكُفْرِ) الْكُفَّارُ يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي يَتَوَارَثُ بِهَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنْ النَّسَبِ وَالسَّبَبِ، وَيَرِثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>