للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ تَخَرَّقَتْ قَبْلَ مُضِيِّهَا إنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ لَبِسَتْهَا لُبْسًا مُعْتَادًا لَمْ تَتَخَرَّقْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا وَجَبَ، وَإِنْ بَقِيَ الثَّوْبُ بَعْدَ الْمُدَّةِ كَانَ بَقَاؤُهُ لِعَدَمِ اللُّبْسِ، أَوْ لِلُبْسِ ثَوْبٍ غَيْرِهِ أَوَلِلُبْسِهِ يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ، فَإِنْ يُفْرَضْ لَهَا كِسْوَةٌ أُخْرَى، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.

وَلَوْ ضَاعَتْ الْكِسْوَةُ أَوْ النَّفَقَةُ، أَوْ سُرِقَتْ لَمْ يُجَدِّدْ غَيْرَهَا حَتَّى يَمْضِيَ الْفَصْلُ بِخِلَافِ الْمَحَارِمِ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهَا مَا يُفْتَرَشُ لِلْقُعُودِ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ حَالِ الزَّوْجِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَجَبَ عَلَيْهِ طَنْفَسَةٌ فِي الشِّتَاءِ وَنِطْعٌ فِي الصَّيْفِ، وَعَلَى الْفَقِيرِ حَصِيرٌ فِي الصَّيْفِ وَلِبَدٌ فِي الشِّتَاءِ، وَلَا تَكُونُ الطَّنْفَسَةُ وَالنِّطْعُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُبْسَطَ حَصِيرٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَفْرِضُ الْقَاضِي نَفَقَةَ الْخَادِمِ عَلَى الزَّوْجِ بِفَرْضِ الْكِسْوَةِ لِلْخَادِمِ أَيْضًا. وَالْكِسْوَةُ لِلْخَادِمِ عَلَى الْمُعْسِرِ فِي الشِّتَاءِ قَمِيصَ كِرْبَاسٍ، وَإِزَارٍ وَكِسَاءٍ كَأَرْخَصِ مَا يَكُونُ فِي الصَّيْفِ قَمِيصٌ مِثْلُ ذَلِكَ وَإِزَارٌ، وَعَلَى الْمُوسِرِ فِي الشِّتَاءِ قَمِيصٌ زُطِّيٌّ وَإِزَارٌ كِرْبَاسٌ وَكِسَاءٌ رَخِيصٌ، وَفِي الصَّيْفِ مِثْلُ ذَلِكَ، فَقَدْ أَوْجَبَ لَهَا فِي الشِّتَاءِ مِنْ الْكِسْوَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الصَّيْفِ، ثُمَّ لَمْ يُفْرَضْ لِخَادِمَتِهَا الْخِمَارُ قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَلِخَادِمِ الْمَرْأَةِ الْكَعْبُ وَالْخُفُّ بِحَسَبِ مَا يَكْفِيهَا. قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ مِنْ بَيَانِ الْخَامِ وَكِسْوَتِهَا فَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى عَادَاتِهِمْ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَبِاخْتِلَافِ الْعَادَاتِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَعَلَى الْقَاضِي اعْتِبَارُ الْكِفَايَةِ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ فِيمَا يُفْرَضُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ كِسْوَةُ الْخَادِمِ كِسْوَةَ الْمَرْأَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي السُّكْنَى]

تَجِبُ السُّكْنَى لَهَا عَلَيْهِ فِي بَيْتٍ خَالٍ عَنْ أَهْلِهِ وَأَهْلِهَا إلَّا أَنْ تَخْتَارَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَإِنْ أَسْكَنَهَا فِي مَنْزِلٍ لَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ فَشَكَتْ إلَى الْقَاضِي أَنَّ الزَّوْجَ يَضُرُّ بِهَا، وَيُؤْذِيهَا وَسَأَلَتْ الْقَاضِيَ أَنْ يَأْمُرَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ يَعْرِفُونَ إحْسَانَهُ وَإِسَاءَتَهُ، فَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَتْ زَجَرَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَمَنَعَهُ عَنْ التَّعَدِّي، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يَنْظُرُ إنْ كَانَ جِيرَانُ هَذِهِ الدَّارِ قَوْمًا صَالِحِينَ أَقَرَّهَا هُنَاكَ، وَلَكِنْ يَسْأَلُ الْجِيرَانَ عَنْ صُنْعِهِ، فَإِنْ ذَكَرُوا مِثْلَ الَّذِي ذَكَرَتْ زَجَرَهُ عَنْ ذَلِكَ وَمَنَعَهُ عَنْ التَّعَدِّي فِي حَقِّهَا، وَإِنْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يُؤْذِيهَا فَالْقَاضِي يَتْرُكُهَا ثَمَّةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي جِوَارِهِ مَنْ يُوثَقُ بِهِ، أَوْ كَانُوا يَمِيلُونَ إلَى الزَّوْجِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الزَّوْجَ أَنْ يُسْكِنَهَا فِي قَوْمٍ صَالِحِينَ، وَيَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ، وَيَبْنِي الْأَمْرَ عَلَى خَبَرِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

امْرَأَةٌ أَبَتْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ ضَرَّتِهَا، أَوْ مَعَ أَحْمَائِهَا كَأُمِّهِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ بُيُوتٌ فَرَّغَ لَهَا بَيْتًا، وَجَعَلَ لِبَيْتِهَا غَلْقًا عَلَى حِدَةٍ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ مِنْ الزَّوْجِ بَيْتًا آخَرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَلَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَتْ: لَا أَسْكُنُ مَعَ أَمَتِكَ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: لَا أَسْكُنُ مَعَ أَمِّ وَلَدِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَبِهِ أَفْتَى بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَإِذَا أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَمْنَعَ أَبَاهَا، أَوْ أُمَّهَا، أَوْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>