للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَجُوزُ الْمُوَادَعَةُ أَكْثَرُ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

وَلَوْ حَاصَرَ الْعَدُوُّ الْمُسْلِمِينَ، وَطَلَبُوا الْمُوَادَعَةَ عَلَى مَالٍ يَدْفَعُهُ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهِمْ لَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ إلَّا إذَا خَافَ الْهَلَاكَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَإِذَا طَلَبُوا مِنْ الْإِمَامِ الْمُوَادَعَةَ سِنِينَ مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا إلَى الْمُسْلِمِينَ كُلَّ سَنَةٍ شَيْئًا مَعْلُومًا عَلَى أَنْ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِي بِلَادِهِمْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا إلَيْهِمْ كُلَّ سَنَةٍ مِائَةَ رَأْسٍ، فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ صَالَحُوا عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ أَوْ بِأَعْيَانِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ الْمِائَةُ الْمَشْرُوطَةُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمِائَةُ الْمَشْرُوطَةُ مِنْ أَرِقَّائِهِمْ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى مِائَةِ رَأْسٍ بِأَعْيَانِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَأَوْلَادِهِمْ بِأَنْ قَالُوا أَوَّلَ السَّنَةِ: آمِنُوا عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ لَكُمْ، وَنُصَالِحُكُمْ لِثَلَاثِ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً عَلَى أَنْ نُعْطِيَكُمْ مِائَةَ رَأْسٍ مِنْ رَقِيقِنَا، فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .

وَإِنْ شَرَطُوا فِي الْمُوَادَعَةِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَنَا مُسْلِمًا مِنْهُمْ بَطَلَ الشَّرْطُ وَلَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ بِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ صَالَحَهُمْ الْإِمَامُ، ثُمَّ رَأَى نَقْضَ الصُّلْحِ أَصْلَحُ نَبَذَ إلَيْهِمْ، وَقَاتَلَهُمْ وَيَكُونُ النَّبْذُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ الْأَمَانُ، فَإِنْ كَانَ مُنْتَشِرًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ النَّبْذُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنْتَشِرٍ بِأَنْ أَمَّنَهُمْ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سِرًّا يَكْتَفِي بِنَبْذِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ، ثُمَّ بَعْدَ النَّبْذِ لَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْهِمْ زَمَانٌ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مَلِكُهُمْ مِنْ إنْفَاذِ الْخَبَرِ إلَى أَطْرَافِ مَمْلَكَتِهِ وَإِنْ كَانُوا أُخْرِجُوا مِنْ حُصُونِهِمْ وَتَفَرَّقُوا فِي الْبِلَادِ وَفِي عَسَاكِرِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ خَرَّبُوا حُصُونَهُمْ بِسَبَبِ الْأَمَانِ، فَحَتَّى يَعُودُوا كُلُّهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ وَيُعَمِّرُوا حُصُونَهُمْ مِثْلَ مَا كَانَتْ تَوَقِّيًا عَنْ الْغَدْرِ، وَهَذَا إذَا صَالَحَهُمْ مُدَّةً، فَرَأَى نَقْضَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، أَمَّا إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ، فَيَبْطُلُ الصُّلْحُ بِمُضِيِّهَا، فَلَا يَنْبِذُ إلَيْهِمْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَى أَطْرَافِ بِلَادِهِمْ مَا دَامَ الصُّلْحُ بَاقِيًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ بَدَءُوا بِخِيَانَةٍ قَاتَلَهُمْ وَلَمْ يَنْبِذْ إلَيْهِمْ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِهِمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ خَرَجَ مِنْ دَارِ الْمُوَادَعَةِ جَمَاعَةٌ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ، وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَلَيْسَ هَذَا نَقْضُ الْعَهْدِ، وَإِنْ خَرَجَ قَوْمٌ لَهُمْ مَنَعَةٌ بِغَيْرِ أَمْرِ مَلِكِهِمْ، وَلَا أَمْرِ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ فَالْمَلِكُ، وَأَهْلُ مَمْلَكَتِهِ عَلَى مُوَادَعَتِهِمْ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَطَعُوا الطَّرِيقَ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِمْ وَاسْتِرْقَاقِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا خَرَجُوا بِإِذْنِ مَلِكِهِمْ فَهَذَا نَقْضُ الْعَهْدِ فِي حَقِّ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَرْخِيِّ.

وَإِذَا كَانَتْ الْمُوَادَعَةُ قَائِمَةً بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَخَرَجَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مُوَادَعَةً فَغَزَا الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ الْبَلَدَ، فَأَخَذُوا ذَلِكَ الرَّجُلَ فَهُوَ آمِنٌ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَرَقِيقِهِ وَحَيْثُ مَضَى أَهْلُ الْبَلَدِ الَّذِينَ وَادَعْنَاهُمْ وَحَيْثُ رَحَلُوا مِنْ الْبِلَادِ فَهُمْ آمِنُونَ، وَإِنْ غَزَا الْمُسْلِمُونَ دَارًا غَيْرَ دَارِ الْمُوَادِعِينَ، فَأَسَرُوا مِنْهَا رَجُلًا مِنْ الْمُوَادِعِينَ كَانَ أَسِيرًا فِي الدَّارِ الَّتِي غَزَاهَا الْمُسْلِمُونَ كَانَ فَيْئًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَأَهْلُ الذِّمَّةِ إذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ كَالْمُشْرِكِينَ فِي الْمُوَادَعَةِ، وَيَجُوزُ أَخْذُ الْمَالِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَرْكُهُمْ بِالْجِزْيَةِ هَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

وَيُصَالِحُ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ يُغْلَبُونَ، وَصَارَتْ دَارُهُمْ دَارَ الْحَرْبِ عِنْدَ الْخَوْفِ لَوْ خُيِّرَا بِلَا أَخْذِ مَالٍ مِنْهُمْ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُمْ لَمْ يُرَدَّ؛ لِأَنَّ مَالَهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ إذَا ظَهَرُوا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ حَيْثُ يُرَدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ وَضْعِ الْحَرْبِ أَوْزَارَهَا لَيْسَ فَيْئًا إلَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ لَهُمْ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَهَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ كَالْمُرْتَدِّينَ فِي الْمُوَادَعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ وَيُكْرَهُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أَوْ قَائِدٍ مِنْ قُوَّادِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّةَ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَيَخْتَصُّ بِهَا بَلْ يَجْعَلُهَا فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ وَيُكْرَهُ بَيْعُ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>