للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ صَاحِبِهِ أَعْطَاهُ صَاحِبُهُ رَجُلًا آخَرَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ تَبَايَعَا، وَهُمَا غَنِيَّانِ أَوْ مُحْتَاجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا غَنِيٌّ وَالْآخَرُ مُحْتَاجٌ، فَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى بَدَا لِأَحَدِهِمَا تَرْكُ ذَلِكَ، فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ وَلَوْ أَقْرَضَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِثْلَهُ، فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَنِيًّا عَنْ ذَلِكَ أَوْ مُحْتَاجًا إلَيْهِ، فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ شَيْءٌ إذَا اسْتَهْلَكَهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ بَعْدُ، فَالْمُقْرِضُ أَحَقُّ بِهِ إذَا أَرَادَ اسْتِرْدَادَهُ، وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ وَالْمُعْطِي غَنِيٌّ عَنْهُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ عَنْهُ حِينَ أَقْرَضَهُ، ثُمَّ احْتَاجَا إلَيْهِ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ، فَالْمُعْطِي أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ الْآخِذُ أَوَّلًا، ثُمَّ احْتَاجَ إلَيْهِ الْمُعْطِي أَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْآخِذِ، وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا حِنْطَةً مِنْ صَاحِبِهِ مِمَّا هُوَ غَنِيمَةٌ بِدَرَاهِمَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي فَدَفَعَ الدَّرَاهِمَ، وَقَبَضَ الْحِنْطَةَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ إلَيْهَا مُحْتَاجًا، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ الْبَيْعِ وَالْحِنْطَةُ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا فَلَهُ ذَلِكَ، فَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْحِنْطَةَ، وَيَأْخُذُ دَرَاهِمَهُ إنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ عَنْهَا، أَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُحْتَاجًا إلَيْهَا وَالْمُشْتَرِي غَنِيًّا، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا، فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ وَالْحِنْطَةَ سَالِمَةً لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ اسْتَهْلَكَهَا فَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَيْهِ، وَمَا اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي سَالِمٌ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِنْ ذَهَبَ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ الْبَائِعُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ، فَهِيَ فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ إلَّا أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ فِي يَدِهِ.

فَإِنْ رَفَعَ أَمْرَهَا إلَى صَاحِبِ الْمَغَانِمِ وَالْمَقَاسِمِ فَقَالَ: قَدْ أَجَزْتُ بَيْعَكَ فَهَاتِ الثَّمَنَ جَازَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى صَاحِبِ الْمَغَانِمِ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ بَعْدَ ذَلِكَ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَ الْحِنْطَةَ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ صَاحِبُ الْمَغَانِمِ الْبَيْعَ فَالدَّرَاهِمُ مَرْدُودَةٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْتَهْلِكْهَا إلَّا بَعْدَ الْإِجَازَةِ، فَالدَّرَاهِمُ فِي الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ كُنْتُ أَكَلْتُ الْحِنْطَةَ قَبْلَ أَنْ تُجِيزَ الْبَيْعَ فَرُدَّ عَلَيَّ الدَّرَاهِمَ، وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ اسْتَهْلَكَهَا قَبْلَ إجَازَةِ الْبَيْعِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَصَابَ أَحَدُهُمَا حِنْطَةً وَالْآخَرُ ثَوْبًا، فَأَرَادَا أَنْ يَتَبَايَعَا فَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَا، وَاسْتَهْلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَخَذَ مِنْ صَاحِبِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنَّ بَائِعَ الثَّوْبِ مُسِيءٌ فِي الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهْلِكَا ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَا دَارَ الْإِسْلَامِ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَدُّ مَا فِي يَدِهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَا فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدُ، وَلَمْ يَسْتَهْلِكَا ذَلِكَ فَعَلَى الَّذِي قَبَضَ الثَّوْبَ أَنْ يَرُدَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَصَابَهُ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا الَّذِي قَبَضَ الْحِنْطَةَ، فَالْحُكْمُ فِي حَقِّهِ مَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ اعْتِبَارِ حَاجَتِهِمَا أَوْ غِنَائِهِمَا أَوْ حَاجَةِ الْآخِذِ دُونَ الْمُعْطِي أَوْ حَاجَةِ الْمُعْطِي دُونَ الْآخِذِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لِلْحِنْطَةِ قَدْ ذَهَبَ بِهَا، وَلَا يُوقَفُ عَلَى أَثَرِهِ أَخَذَ صَاحِبُ الْمَغَانِمِ الثَّوْبَ مِمَّنْ فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ ابْتِدَاءً وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ لِلثَّوْبِ هُوَ الَّذِي لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَغَانِمِ لَا يَتَعَرَّضُ لِمُشْتَرِي الْحِنْطَةِ بِشَيْءٍ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَصَابَهُ ابْتِدَاءً، فَإِنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَهَا أَخَذَهَا مِنْهُ صَاحِبُ الْمَغَانِمِ، وَيَجْعَلُهَا فِي الْغَنِيمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .

مَنْ رَكِبَ فَرَسًا أَوْ لَبِسَ ثَوْبًا أَوْ رَفَعَ سِلَاحًا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْحَرْبِ رَدَّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ الرَّدِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَاجَةٌ وَلَكِنْ رَكِبَ لَيَصُونَ فَرَسَهُ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ لَيَصُونَ ثِيَابَهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَيُكْرَهُ الِانْتِفَاعُ بِالثِّيَابِ وَالْمَتَاعِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِلَا حَاجَةٍ لَاشْتَرَاك الْجَمَاعَةِ إلَّا أَنَّهُ يُقَسِّمُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا احْتَاجُوا إلَى الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَالسِّلَاحِ وَالْمَتَاعِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا احْتَاجَ وَاحِدٌ يُبَاحُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا، وَإِنْ احْتَاجَ الْكُلُّ يُقَسِّمُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا احْتَاجُوا إلَى السَّبْيِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَسِّمُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>