للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ الْعَدُوُّ، وَأَخَذُوا الْغَنَائِمَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ جَاءَ عَسْكَرٌ آخَرُ وَأَخَذُوهَا مِنْ الْعَدُوِّ كَانَتْ الْغَنِيمَةُ لِلْآخِرِينَ دُونَ الْأَوَّلِينَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَجَبَ عَلَى الْآخَرِينَ رَدَّهَا عَلَى الْأَوَّلِينَ الْإِمَامُ إذَا قَسَّمَ الْغَنَائِمَ، وَدَفَعَ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ إلَى الْجُنْدِ، وَهَلَكَ الْخُمُسُ فِي يَدِهِ سَلَّمَ لِلْجُنْدِ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الْخُمُسَ إلَى أَهْلِهِ، وَهَلَكَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ فِي يَدِهِ سَلَّمَ الْخُمُسَ لِأَهْلِهِ وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ أَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ إلَى بَعْضِ الْجُنْدِ قَبْلَ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ فَلَمْ يُبَيِّنْ مَا فَعَلَ حَتَّى مَاتَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

قَالَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ مَنْ لَا مَنَعَةَ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، فَأَصَابُوا غَنَائِمَ فَأَخْرَجُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهُمْ، وَلَا خُمُسَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ أَذِنَ لَهُمْ خُمِّسَ مَا أَصَابُوا، وَكَانَ مَا بَقِيَ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

وَإِنْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ لَهُمْ مَنَعَةٌ، فَأَخَذُوا شَيْئًا خُمِّسَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ الْإِمَامُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ: إذَا الْتَقَى الْفَرِيقَانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَرِيقٌ دَخَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَفَرِيقٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَا مَنَعَةَ لَهُمْ مُجْتَمَعِينَ فَمَا أَصَابَ الْمَأْذُونُ لَهُمْ، فِيهِ الْخُمُسُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِينَ مِنْهُ، وَمَا أَصَابَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُمْ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا أَصَابَ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَصْحَابُهُ، وَلَا غَيْرُهُمْ، أَمَّا إذَا اشْتَرَكَ الْمَأْذُونُ لَهُمْ وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُمْ فِي أَخْذِ شَيْءٍ وَاحِدٍ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ الْآخِذِينَ فَمَا أَصَابَ الْمَأْذُونَ لَهُمْ خُمُسٌ، وَكَانَ الْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ فَيَشْتَرِكُونَ جَمِيعًا الْآخِذُ وَغَيْرُ الْآخِذِ، وَمَا أَصَابَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ، فَهُوَ لَهُمْ عَلَى عَدَدِ الْآخِذِينَ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لِبَقِيَّتِهِمْ فِيهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَلَا خُمُسَ عَلَيْهِمْ فِيهِ، فَإِنْ الْتَقَى الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا الْمَأْذُونُ لَهُمْ، وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ، وَكَانُوا بِاجْتِمَاعِهِمْ لَهُمْ مَنَعَةٌ فَمَا أَصَابَ وَاحِدٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَكَذَا مَا أَصَابَ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَبْلَ الِاجْتِمَاعِ أَوْ بَعْدَهُ فَذَلِكَ سَوَاءٌ فَفِيهِ الْخُمُسُ وَالْبَاقِي عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ وَلَوْ كَانَ الَّذِينَ دَخَلُوا بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَأَصَابُوا الْغَنِيمَةَ، ثُمَّ لَحِقَ لِصٌّ أَوْ لِصَّانِ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ بِغَيْرِ إذْنٍ بَعْدَ مَا أَصَابَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ الْغَنَائِمَ وَأَصَابُوا بَعْدَ ذَلِكَ غَنَائِمَ وَقَدْ أَصَابَ اللِّصُّ غَنِيمَةً قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُمْ، وَبَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ جَمِيعًا شُرَكَاءُ وَفِيمَا أَصَابُوهُ الْخُمُسُ وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ إلَّا مَا أَصَابَ الْعَسْكَرُ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ اللِّصُّ أَوْ اللِّصَّانِ، فَإِنَّ هَذَا اللِّصَّ لَا يُشَارِكُ أَهْلَ الْعَسْكَرِ فِيمَا أَصَابُوهُ قَبْلَ أَنْ يَلْقَاهُمْ، وَلَكِنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ يُشَارِكُونَ اللِّصَّ فِيمَا أَصَابَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ وَأَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَبَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ يَسِيرٌ لَا يَسْتَقِيمُ لِكَثْرَةِ الْجُنْدِ وَقِلَّةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ تَصَدَّقَ بِهَا الْإِمَامُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَوْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا، وَوَضَعَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ لِنَائِبِهِ تَقَعُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَهُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْجُنْدِ أَتَوْا أَمِيرَ الْجُنْدِ، وَقَالُوا: إنَّ مَنَازِلَنَا بَعِيدَةٌ، وَلَا نَقْدِرُ عَلَى الْمَقَامِ، فَأَعْطِنَا حَقَّنَا مِنْ الْغَنِيمَةِ عَلَى الْحَزْرِ وَالظَّنِّ بِذَلِكَ، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ فَأَعْطَاهُمْ وَمَضَوْا، ثُمَّ أَعْطَى الْبَاقِينَ حِصَّتَهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَازْدَادَتْ أَنْصِبَاءُ الْبَاقِينَ عَلَى أَنْصِبَاءِ الَّذِينَ مَضَوْا لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَلَكِنْ يُمْسِكُهُ حَوْلًا، وَيُخْبِرُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَصِيرُ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ بِقَوْلِهِمْ، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ، فَلَوْ أَنَّ الْأَمِيرَ تَصَدَّقَ بِذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَ أَصْحَابُهُ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْأَمِيرَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، وَلَا يَرْجِعُ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا فِي الْخُمُسِ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْإِمَامِ إذَا تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ بِأَنْ غَزَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ جَاءَ أَصْحَابُ الْفَضْلِ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْإِمَامَ ذَلِكَ، وَيَكُونَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ رَأَى أَنْ يَسْتَقْرِضَ ذَلِكَ لِلْمَسَاكِينِ، وَيُقَسِّمَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِحَاجَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ حَتَّى إذَا جَاءَ مُسْتَحِقُّوهُ لَمْ يُجِيزُوا صَدَقَتَهُ، فَإِنَّهُ يُعْطِيهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ قَالُوا: وَهَهُنَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ: الْإِمَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>