للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُسْنَى مَكَانَ قَوْلِهِ {كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا} [الكهف: ١٠٧] لَا تَفْسُدُ. أَمَّا إذَا غَيَّرَ الْمَعْنَى بِأَنْ قَرَأَ " إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ " إلَى قَوْلِهِ " خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ " تَفْسُدُ عِنْدَ عَامَّةِ عُلَمَائِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

(وَمِنْهَا الْوَقْفُ وَالْوَصْلُ وَالِابْتِدَاءُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا) إذَا وَقَفَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْوَقْفِ أَوْ ابْتَدَأَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الِابْتِدَاءِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ الْمَعْنَى تَغَيُّرًا فَاحِشًا نَحْوَ أَنْ يَقْرَأَ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البينة: ٧] وَوَقَفَ ثُمَّ ابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ {أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: ٧] لَا تَفْسُدُ بِالْإِجْمَاعِ بَيْنَ عُلَمَائِنَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إنْ وَصَلَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْوَصْلِ كَمَا لَوْ لَمْ يَقِفْ عِنْدَ قَوْلِهِ أَصْحَابِ النَّارِ بَلْ وَصَلَ بِقَوْلِهِ {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} [غافر: ٧] لَا تَفْسُدُ لَكِنَّهُ قَبِيحٌ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ تَغَيَّرَ بِهِ الْمَعْنَى تَغَيُّرًا فَاحِشًا نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ} [آل عمران: ١٨] وَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ: {إِلا هُوَ} [آل عمران: ١٨] لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ عُلَمَائِنَا وَعِنْدَ الْبَعْضِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ بِكُلِّ حَالٍ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ السَّعِيدُ النَّجِيبُ أَبُو بَكْرٍ إذَا فَرَغْت مِنْ الْقِرَاءَةِ وَتُرِيدُ أَنْ تُكَبِّرَ لِلرُّكُوعِ، إنْ كَانَ الْخَتْمُ بِالثَّنَاءِ فَالْوَصْلُ بِاَللَّهِ أَكْبَر أَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالثَّنَاءِ فَالْفَصْلُ أَوْلَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكوثر: ٣] . هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

(وَمِنْهَا اللَّحْنُ فِي الْإِعْرَابِ) إذَا لَحَنَ فِي الْإِعْرَابِ لَحْنًا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى بِأَنْ قَرَأَ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتُكُمْ بِرَفْعِ التَّاءِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى تَغْيِيرًا فَاحِشًا بِأَنْ قَرَأَ وَعَصَى آدَمَ رَبُّهُ بِنَصْبِ الْمِيمِ وَرَفْعِ الرَّبِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ تَعَمَّدَ بِهِ يَكْفُرُ. إذَا قَرَأَ خَطَأً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيّ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. وَمَا قَالَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ أَحْوَطُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ يَكُونُ كُفْرًا وَمَا يَكُونُ كُفْرًا لَا يَكُونُ مِنْ الْقُرْآنِ وَمَا قَالَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَوْسَعُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ إعْرَابٍ وَإِعْرَابٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ

(وَمِنْهَا تَرْكُ التَّشْدِيدِ وَالْمَدِّ فِي مَوْضِعِهِمَا) لَوْ تَرَكَ التَّشْدِيدَ فِي قَوْلِهِ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أَوْ قَرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَسْقَطَ التَّشْدِيدَ عَلَى الْبَاءِ. الْمُخْتَارُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ أَنَّهَا تَفْسُدُ وَأَمَّا تَرْكُ الْمَدِّ إنْ كَانَ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى بِأَنْ قَرَأَ أُولَئِكَ بِلَا مَدٍّ وَإِنَّا أَعْطَيْنَاك بِدُونِ الْمَدِّ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ يُغَيِّرُ بِأَنْ قَرَأَ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ الْمَدِّ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ دُعَاءً وَنِدَاءً الْمُخْتَارُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ كَمَا فِي تَرْكِ التَّشْدِيدِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ شَدَّدَ فِي {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ} [الزمر: ٣٢] قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَفْسُدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.

(وَمِنْهَا تَرْكُ الْإِدْغَامِ وَالْإِتْيَانُ بِهِ) إذَا أَتَى بِالْإِدْغَامِ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يُدْغِمْهُ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ وَيُقَبِّحُ الْعِبَارَةَ وَيُخْرِجُهَا عَنْ مَعْرِفَةِ مَعْنَى الْكَلِمَةِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} [آل عمران: ١٢] بِإِدْغَامِ الْغَيْنِ فِي اللَّامِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَتَى بِالْإِدْغَامِ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يُدْغِمْهُ أَحَدٌ إلَّا أَنَّ الْمَعْنَى لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ وَيُفْهِمُ مَا يُفْهَمُ مَعَ الْإِظْهَارِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {قُلْ سِيرُوا} [الأنعام: ١١] بِإِدْغَامِ اللَّامِ فِي السِّينِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِذَا تَرَكَ الْإِدْغَامَ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: ٧٨] بِفَكِّ الْإِدْغَامِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ فَحُشَ مِنْ حَيْثُ الْعِبَارَةُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

(وَمِنْهَا الْإِمَالَةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا) إذَا قَرَأَ {بِسْمِ اللَّهِ} [الفاتحة: ١] بِالْإِمَالَةِ أَوْ قَرَأَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٤] بِالْإِمَالَةِ وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

(وَمِنْهَا الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ مَا فِي الْمُصْحَفِ الَّذِي جَمَعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ بِغَيْرِ مَا فِي الْمُصْحَفِ الْمَعْرُوفِ مَا لَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ إذَا لَمْ يَكُنْ دُعَاءً وَلَا ثَنَاءً فِي نَفْسِهِ وَإِنْ قَرَأَ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ فَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا تَفْسُدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>