للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ، أَمَّا الْقَوَدُ، فَلَا يَجِبُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَإِنْ كَانَا أَسِيرَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ تَاجِرًا أَسِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ إلَّا الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَ الْمُسْلِمُ إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ مَا شَاءَ إلَّا الْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ وَالسَّبْيَ، وَأَنْ لَا يَحْمِلَ إلَيْهِمْ شَيْئًا أَحَبُّ إلَيَّ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ: الْمُرَادُ مِنْ الْكُرَاعِ الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ وَالْإِبِلُ وَالثِّيرَانُ الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْمَتَاعُ، وَالْمُرَادُ مِنْ السِّلَاحِ مَا يَكُونُ مُعَدًّا لِلْقِتَالِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْحَرْبِ سَوَاءٌ يُسْتَعْمَلُ مَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ أَوْ لَا يُسْتَعْمَلُ وَأَجْنَاسُ السِّلَاحِ مَا كَبُرَ مِنْهُ وَمَا صَغُرَ حَتَّى الْإِبْرَةِ وَالْمِسَلَّةِ فِي كَرَاهَةِ الْحَمْلِ إلَيْهِمْ عَلَى السَّوَاءِ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيدُ الَّذِي يُصْنَعُ مِنْهُ السِّلَاحُ يَكْرَهُ حَمْلُهُ إلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْحَرِيرُ وَالدِّيبَاجُ وَالْقَزُّ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَعْمُولٍ، فَإِنْ كَانَ خَمْرًا مِنْ إبْرَيْسَمَ أَوْ ثِيَابًا رِقَاقًا مِنْ الْقَزِّ، فَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِهَا إلَيْهِمْ، وَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِ الصُّفْرِ وَالشَّبَهِ إلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الرَّصَاصُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسْتَعْمَلُ لِلسِّلَاحِ فِي الْغَالِبِ، وَإِنْ كَانُوا يَجْعَلُونَ أَعْظَمَ سِلَاحَهُمْ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ أَدِخَالُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِمْ، وَلَا يَحِلُّ إدْخَالُ النُّسُورِ الْحَيَّةِ وَالْمَذْبُوحَةِ مَعَهَا أَجْنِحَتُهَا إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ يَدْخُلُ لِرِيشِ النُّشَّابِ وَالنَّبْلِ، وَكَذَلِكَ الْعُقَابُ إذَا كَانَ يُجْعَلُ مِنْ رِيشِهَا ذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَتْ إنَّمَا تُدْخَلُ لِلصَّيْدِ فَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِهَا، وَالْحُكْمُ فِي الْبَازِي وَالصَّقْرِ كَذَلِكَ.

وَإِذَا أَرَادَ الْمُسْلِمُ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ لِلتِّجَارَةِ وَمَعَهُ فَرَسُهُ وَسِلَاحُهُ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ بَيْعَهُ مِنْهُمْ لَمْ يُمْنَعْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَكِنَّ هَذَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَا يَتَعَرَّضُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الدَّوَابِّ وَلَكِنْ لَوْ اُتُّهِمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا يُدْخِلُهُ لِلْبَيْعِ، وَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يُخْرِجَهُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ انْتَفَتْ هَذِهِ التُّهْمَةُ بِيَمِينِهِ، فَيُتْرَكُ لِيُدْخِلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ لَمْ يُتْرَكْ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَارَهُمْ، وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ حَمْلَ الْأَمْتِعَةِ إلَيْهِمْ فِي الْبَحْرِ فِي السَّفِينَةِ.

وَإِنْ دَخَلَ بِغُلَامٍ أَوْ غُلَامَيْنِ يَخْدُمُهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُرِيدُ لِلتِّجَارَةِ، فَإِنْ اُتُّهِمَ اُسْتُحْلِفَ، فَأَمَّا الذِّمِّيُّ إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ أَنْ يُدْخِلَ فَرَسًا مَعَهُ أَوْ بِرْذَوْنًا أَوْ سِلَاحًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِعَدَاوَتِهِمْ مَأْمُونًا عَلَى ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ حَالُهُ كَحَالِ الْمُسْلِمِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ بِتِجَارَتِهِ عَلَى الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْعَجَلَةِ وَالْبَعِيرِ وَيُسْتَحْلَفُ أَيْضًا عَلَى مَا يُدْخِلُهُ إلَيْهِمْ مِنْ الْبِغَالِ وَالسُّفُنِ وَالرَّقِيقِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُهُمْ الْبَيْعَ، وَلَا يَبِيعُهُمْ حَتَّى يُخْرِجَهُمْ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ. الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكَارِيًا سُفُنًا أَوْ دَوَابَّ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَحِينَئِذٍ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِحَالٍ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ التَّاجِرُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ لَمْ يَدَعُوهُ يَخْرُجُ بِهِ، وَلَكِنَّهُمْ يُعْطُونَهُ ثَمَنَهُ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ مِنْ إدْخَالِ الْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ وَالرَّقِيقِ إلَيْهِمْ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إدْخَالِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالثَّوْرِ وَالْبَعِيرِ.

كَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ إدْخَالِ سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ يَرْكَبُهَا، وَيَكُونُ فِيهَا مَتَاعُهُ، فَإِنْ أَرَادَ إدْخَالَ أُخْرَى مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ اسْتِحْسَانٌ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَنْ يُدْخِلَ إلَيْهِمْ خَادِمًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، وَلَوْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، وَمَعَهُ كُرَاعٌ وَسِلَاحٌ وَرَقِيقٌ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا جَاءَ بِهِ إلَى دَارِهِ، فَإِنْ بَاعَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا كُرَاعًا أَوْ سِلَاحًا أَوْ رَقِيقًا مِثْلَ مَا كَانَ لَهُ أَوْ أَفْضَلُ مِمَّا كَانَ لَهُ أَوْ شَرًّا مِمَّا كَانَ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَارَ الْحَرْبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى مَا بَاعَهُ بِعَيْنِهِ أَوْ اسْتَقَالَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فِيهِ فَأَقَالَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ وَبِخِيَارِ شَرْطٍ اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِطُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ نُقِضَ الْبَيْعُ بِحُكْمِ خِيَارِهِ، فَلَهُ أَنْ يَعُودَ بِهِ إلَى دَارِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَلَوْ جَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>