للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَنَةً أَخَذَهَا مِنْهُ، فَيَأْخُذُهَا مِنْهُ حِينَئِذٍ كَمَا تَمَّتْ السَّنَةُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، ثُمَّ لَا يُتْرَكُ بَعْدَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.

فَإِنْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارنَا بِأَمَانٍ، وَاشْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ، فَإِذَا وُضِعَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ صَارَ ذِمِّيًّا، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عُشْرِيَّةٍ، فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ عُشْرِيَّةٍ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَصِيرُ خَرَاجِيَّةً فَيُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةُ سَنَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ مِنْ وَقْتِ وَضْعِ الْخَرَاجِ، وَتَثْبُتُ أَحْكَامُ الذِّمِّيِّ فِي حَقِّهِ مِنْ مَنْعِ الْخُرُوجِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَجَرَيَانِ الْقِصَاصِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَضَمَانِ الْمُسْلِمِ قِيمَةَ خَمْرِهِ وَخِنْزِيرِهِ إذَا أَتْلَفَهُ، وَوُجُوبِ الدِّيَةِ إذَا قُتِلَ خَطَأً، وَوُجُوبِ كَفِّ الْأَذَى عَنْهُ، فَتَحْرُمُ غِيبَتُهُ كَمَا تَحْرُمُ غِيبَةُ الْمُسْلِمِ، وَالْمُرَادُ بِوَضْعِ الْخَرَاجِ إلْزَامُهُ عَلَيْهِ، وَأَخْذُهُ مِنْهُ عِنْدَ حُلُولِ وَقْتِهِ، وَمُنْذُ بَاشَرَ السَّبَبَ، وَهُوَ زِرَاعَتُهَا أَوْ تَعْطِيلُهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهَا إذَا كَانَتْ فِي مِلْكِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَمَّا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ، فَلَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا فِي ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَجِبَ خَرَاجُهَا لَمْ يَكُنْ بِشِرَائِهِ لَهَا ذِمِّيًّا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ خَرَاجٍ، فَزَرْعهَا لَمْ يَكُنْ ذِمِّيًّا، فَإِنْ كَانَتْ أَرْضٌ خَرَاجُهَا الْمُقَاسَمَةُ فَزَرْعَهَا بِبَذْرِ الْحَرْبِيِّ، فَأَخَذَ الْإِمَامُ خَرَاجَهَا مِمَّا أَخْرَجَتْ، وَحُكِمَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبِ الْأَرْضِ جَعَلَهُ الْإِمَامُ ذِمِّيًّا، وَوَضَعَ عَلَيْهِ خَرَاجَ رَأْسِهِ، فَإِنْ اشْتَرَى الْمُسْتَأْمَنُ أَرْضَ الْمُقَاسَمَةِ، فَآجَرَهَا مِنْ مُسْلِمٍ، فَأَخَذَ الْإِمَامُ الْخَرَاجَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الزَّرْعِ لَمْ يَصِرْ الْمُسْتَأْمَنُ ذِمِّيًّا، وَلَوْ زَرَعَ الْحَرْبِيُّ أَرْضًا اشْتَرَاهَا، وَهِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ، فَزَرْعهَا، فَأَصَابَ زَرْعَهَا آفَةٌ فَذَهَبَتْ بِهِ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ خَرَاجٌ تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَمْ يَصِرْ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيًّا وَإِنْ وَجَبَ فِي أَرْضِ الْمُسْتَأْمَنِ الْخَرَاجُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهَا صَارَ ذِمِّيًّا حِينَ وَجَبَ فِي أَرْضِهِ الْخَرَاجُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ خَرَاجُ رَأْسِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ بَعْدَ سَنَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ مِنْ يَوْمِ وَجَبَ فِي أَرْضِهِ.

وَإِذَا دَخَلَتْ حَرْبِيَّةٌ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَتَزَوَّجَتْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْلِمًا صَارَتْ ذِمِّيَّةً.

وَلَوْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ، فَتَزَوَّجَ ذِمِّيَّةً لَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا بِتَزْوِيجِهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

فَإِنْ رَجَعَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَتَرَكَ وَدِيعَةً عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ دَيْنًا عَلَيْهِمَا حَلَّ دَمُهُ بِالْعَوْدِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَمَا كَانَ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ أَوْ الذِّمِّيِّينَ مِنْ مَالِهِ، فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَرَامُ التَّنَاوُلِ، فَإِنْ أُسِرَ أَوْ ظُهِرَ عَلَيْهِمْ، فَقُتِلَ سَقَطَ دَيْنُهُ، وَصَارَتْ وَدِيعَتُهُ فَيْئًا وَلَوْ كَانَ لَهُ رَهْنٌ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُبَاعُ وَيُوَفَّى بِثَمَنِهِ الدَّيْنَ، وَالْفَاضِلُ لِبَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ قُتِلَ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَى الدَّارِ فَالْقَرْضُ الْوَدِيعَةُ لِوَرَثَتِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ، وَمَا أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ قِتَالٍ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُصْرَفُ فِي الْخَرَاجِ قَالُوا: هُوَ مِثْلُ الْأَرَاضِي الَّتِي أَجْلَوْا أَهْلَهَا عَنْهَا وَالْجِزْيَةِ، وَلَا خُمُسَ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَنْ مَالِهِ، وَوَرَثَتُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وُقِفَ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ، فَإِذَا قَدِمُوا فَلَا بُدَّ أَنْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَيَأْخُذُوا، فَإِنْ أَقَامُوا بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ قُبِلَتْ اسْتِحْسَانًا، فَإِذَا قَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ دُفِعَ إلَيْهِمْ الْمَالُ، وَأُخِذَ مِنْهُمْ كَفِيلًا لِمَا يَظْهَرُ فِي الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ مَلِكِهِمْ، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ كِتَابُهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

إذَا بَعَثَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا تَاجِرًا لَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ، فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ هُنَا بِيعَ، وَكَانَ ثَمَنُهُ لِلْحَرْبَيَّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. .

وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ، وَلَهُ امْرَأَةٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَوْلَادٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ وَمَالٌ أَوْدَعَ بَعْضَهُ ذِمِّيًّا وَبَعْضَهُ حَرْبِيًّا وَبَعْضَهُ مُسْلِمًا، فَأَسْلَمَ هُنَا، ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى الدَّارِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ فَيْءٌ، وَكَذَلِكَ مَا فِي بَطْنِهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ سُبِيَ الصَّبِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَصَارَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ، ثُمَّ هُوَ فَيْءٌ عَلَى حَالِهِ، وَكَوْنُهُ مُسْلِمًا لَا يُنَافِي الرِّقَّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ

وَإِنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ جَاءَ، فَظُهِرَ عَلَى الدَّارِ فَأَوْلَادُهُ الصِّغَارُ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِ أَبِيهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>