للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَعْضُ إذَا بَقِيَ مَا يَبْلُغُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَوْ أَكْثَرَ يَجِبُ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَبْلُغُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا يَجِبُ مِقْدَارُ نِصْفِ مَا بَقِيَ، وَكَذَا الرِّطَابُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الْمَحْمُودُ مِنْ صَنِيعِ الْأَكَاسِرَةِ أَنَّ الْمُزَارِعَ إذَا اصْطَلَمَ زَرْعَهُ آفَةٌ فِي عَهْدِهِمْ كَانُوا يَضْمَنُونَ لَهُ الْبَذْرَ وَالنَّفَقَةَ مِنْ الْخِزَانَةِ، وَيَقُولُونَ: الْمُزَارِعُ شَرِيكُنَا فِي الرِّبْحِ، فَكَيْفَ لَا نُشَارِكُهُ فِي الْخُسْرَانِ وَالسُّلْطَانُ الْمُسْلِمُ بِهَذَا الْخُلُقِ، أَوْلَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

رَجُلٌ غَرَسَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ كَرْمًا مَا لَمْ يُثْمِرْ الْكَرْمُ كَانَ عَلَيْهِ خَرَاجُ أَرْضِ الزَّرْعِ، وَكَذَا لَوْ غَرَسَ الْأَشْجَارَ الْمُثْمِرَةَ كَانَ عَلَيْهِ خَرَاجُ الزَّرْعِ إلَى أَنْ تُثْمِرَ الْأَشْجَارُ، وَإِذَا بَلَغَ الْكَرْمُ، وَأَثْمَرَ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّمَرِ تَبْلُغُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَوْ أَكْثَرَ كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا كَانَ عَلَيْهِ مِقْدَارُ نِصْفِ الْخَارِجِ، فَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ لَا يَبْلُغُ قَفِيزًا وَدِرْهَمًا لَا يُنْقَصُ عَنْ قَفِيزٍ وَدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِهِ أَجَمَةٌ فِيهَا صَيْدٌ كَثِيرٌ لَيْسَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِهِ قَصَبٌ، أَوْ طَرْفَاءُ، أَوْ صَنَوْبَرٌ، أَوْ خِلَافٌ، أَوْ شَجَرٌ لَا يُثْمِرُ يُنْظَرُ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْطَعَ ذَلِكَ، وَيَجْعَلَهَا مَزْرَعَةً، فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إصْلَاحِ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ أَرْضٌ يَخْرُجُ مِنْهَا مِلْحٌ كَثِيرٌ، أَوْ قَلِيلٌ، فَكَذَلِكَ إنْ قَدَرَ أَنْ يَجْعَلَهَا مَزْرَعَةً، وَيَصِلَ إلَيْهَا مَاءُ الْخَرَاجِ كَانَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَيْهَا مَاءُ الْخَرَاجِ، أَوْ كَانَتْ فِي الْجَبَلِ، وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا الْمَاءُ لَا يَجِبُ الْخَرَاجُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ قِطْعَةُ أَرْضٍ سَبِخَةٌ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ، أَوْ لَا يَصِلُ إلَيْهَا الْمَاءُ إنْ أَمْكَنَهُ إصْلَاحُهَا فَلَمْ يُصْلِحْ كَانَ عَلَيْهِ خَرَاجُهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ، فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

أَوَانُ وُجُوبِ الْخَرَاجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلُ السَّنَةِ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْأَرْضِ النَّامِيَةِ فِي يَدِهِ سَنَةً إمَّا حَقِيقَةً، أَوْ اعْتِبَارًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي كِتَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ.

وَيَنْبَغِي لِلْوَالِي أَنْ يَلِيَ الْخَرَاجَ رَجُلًا يَرْفُقُ بِالنَّاسِ، وَيَعْدِلُ عَلَيْهِمْ فِي خَرَاجِهِمْ وَأَنْ يَأْخُذَهُمْ بِالْخَرَاجِ كُلَّمَا خَرَجَتْ غَلَّةٌ، فَيَأْخُذَهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ تَمَامَ الْخَرَاجِ فِي آخِرِ الْغَلَّةِ، وَأَرَادَ بِهَذَا أَنْ يُوَزِّعَ الْخَرَاجَ عَلَى قَدْرِ الْغَلَّةِ حَتَّى أَنَّ الْأَرْضَ إذَا كَانَ يَزْرَعُ فِيهَا غَلَّةَ الرَّبِيعِ وَغَلَّةَ الْخَرِيفِ، فَعِنْدَ حُصُولِ غَلَّةِ الرَّبِيعِ يَنْظُرُ الْمُتَوَلِّي أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ كَمْ تَغُلُّ غَلَّةَ الْخَرِيفِ بِطَرِيقِ الْحَزْرِ وَالظَّنِّ، فَإِنْ وَقَعَ عِنْدَهُ أَنَّهَا تَغُلُّ مِثْلَ غَلَّةِ الرَّبِيعِ، فَإِنَّهُ يُنَصِّفُ الْخَرَاجَ، فَيَأْخُذُ نِصْفَ الْخَرَاجِ مِنْ غَلَّةِ الرَّبِيعِ، وَيُؤَخِّرُ النِّصْفَ إلَى غَلَّةِ الْخَرِيفِ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ فِي الْبُقُولِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مِمَّا يُجَزُّ خَمْسَ مَرَّاتٍ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ مَرَّةٍ خُمُسَ الْخَرَاجِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُجَزُّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ مَرَّةٍ رُبُعَ الْخَرَاجِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، فَافْهَمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَمَنْ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، أَوْ الْعُشْرُ إذَا مَاتَ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَيُؤْخَذُ الْخَرَاجُ عِنْدَ بُلُوغِ الْغَلَّةِ عَلَى اخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ.

وَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِ الْأَرَاضِي أَنْ يَأْكُلَ الْغَلَّةَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْخَرَاجَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ الْعُشْرِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْعُشْرَ، وَإِنْ أَكَلَ ضَمِنَ وَلِلسُّلْطَانِ حَبْسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>