للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْفُوعَا «مَنْ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ مَاشِيًا حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَكَّةَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ مِنْ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ قِيلَ لَهُ: وَمَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ؟ قَالَ: بِكُلِّ حَسَنَةٍ مِائَةُ أَلْفِ حَسَنَةٍ» (وَتَعْظُمُ السَّيِّئَاتُ بِهِ) سُئِلَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: هَلْ تُكْتَبُ السَّيِّئَةُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ: لَا إلَّا بِمَكَّةَ لِتَعْظِيمِ الْبَلَدِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بِعَدَنٍ وَهَمَّ أَنْ يَقْتُلَ عِنْدَ الْبَيْتِ أَذَاقَهُ اللَّهُ مِنْ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ الْمُضَاعَفَةَ فِي الْكَيْفِ لَا الْكَمِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنْتَهَى تَبَعًا لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ: أَنَّ التَّضَاعُفَ فِي الْكَمِّ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْإِمَامِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَبَّاسٍ " مَالِي وَبَلَدٍ تَتَضَاعَفُ فِيهِ السَّيِّئَاتُ كَمَا تَتَضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ؟ " وَهُوَ خَاصٌّ فَلَا يُعَارِضُهُ عُمُومُ الْآيَاتِ بَلْ تُخَصَّصُ بِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْفُوعِ.

(وَيُسَنُّ أَنْ يَأْتِيَ مَسْجِدَ قُبَا) بِضَمِّ الْقَافِ يُقْصَرُ وَيُمَدُّ وَيُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ الْجَنُوبِ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ (فَيُصَلِّيَ فِيهِ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْتِيَهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا؛ فَيُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ " وَفِيهِمَا " كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا " وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلهُ.

(وَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ) مِنْ الْمَدِينَةِ لِيَعُودَ إلَى وَطَنِهِ - بَعْدَ فِعْلِ مَا تَقَدَّمَ - وَزِيَارَةِ الْبَقِيعِ، وَمَنْ فِيهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ (عَادَ إلَى الْمَسْجِدِ) النَّبَوِيِّ (فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَعَادَ إلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَدَّعَ وَأَعَادَ الدُّعَاءَ قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَالَ: وَيَعْزِمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ حَجِّهِ، مِنْ عَمَلٍ لَا يُرْضِي) فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَعُودُ كَيَوْمِ وَلَدْتَهُ أُمُّهُ وَيُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُ إلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْفَهَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ " يُغْفَرُ لِلْحَاجِّ وَلِمَنْ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ وَمُحَرَّمٍ، وَصَفَرٍ وَعَشْرٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ " اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي اللَّطَائِفِ.

(وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ حَجِّهِ مُتَوَجِّهًا) إلَى بَلَدِهِ (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ آيِبُونَ) أَيْ: رَاجِعُونَ (تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا، حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>