للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وُجُوبًا إنْ عَجَزَ عَنْ إظْهَارِ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِيهَا (وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى الْهِجْرَةِ مِنْ أَرْضِ الْكُفْرِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ} [النساء: ٩٨] (وَلَوْ) كَانَ مَنْ يَعْجِزُ عَنْ إظْهَارِ دِينِهِ بِمَا ذُكِرَ (امْرَأَةً) لِدُخُولِهَا فِي الْعُمُومَاتِ (وَلَوْ) كَانَتْ (فِي عِدَّةٍ أَوْ بِلَا رَاحِلَةٍ وَلَا مَحْرَمٍ) بِخِلَافِ الْحَجِّ.

وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالرِّعَايَتَيْنِ: إنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ الْفِتْنَةِ فِي دِينِهَا، لَمْ تُهَاجِرْ إلَّا بِمَحْرَمٍ، كَالْحَجِّ وَمَعْنَاهُ: فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْمَجْدِ، وَزَادَ: وَأَمِنَتْهُمْ عَلَى نَفْسِهَا وَإِنْ لَمْ تَأْمَنْهُمْ فَلَهَا الْخُرُوجُ، حَتَّى وَحْدَهَا، بِخِلَافِ الْحَجِّ.

(وَتُسَنُّ) الْهِجْرَةُ (لِقَادِرٍ عَلَى إظْهَارِهِ) أَيْ: دِينِهِ، لِيَتَخَلَّصَ مِنْ تَكْثِيرِ الْكُفَّارِ وَمُخَالَطَتِهِمْ وَرُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ بَيْنَهُمْ،، وَيَتَمَكَّنُ مِنْ جِهَادِهِمْ، وَإِعَانَةِ الْمُسْلِمِينَ وَيُكَثِّرُهُمْ، وَلَا تَجِبُ الْهِجْرَةُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْمَعَاصِي لَكِنْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً} [النساء: ٩٧] أَنَّ الْمَعْنَى " إذَا عُمِلَ بِالْمَعَاصِي فِي أَرْضٍ فَاخْرُجُوا مِنْهَا " وَقَالَهُ عَطَاءٌ، وَيَرُدُّهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ» الْخَبَرَ.

(وَلَا يُجَاهِدُ تَطَوُّعًا مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَوْ مُؤَجَّلًا لِآدَمِيٍّ، لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ) ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ يُقْصَدُ مِنْهُ الشَّهَادَةُ، وَبِهَا تَفُوتُ النَّفْسُ، فَيَفُوتُ الْحَقُّ بِفَوَاتِهَا (فَإِنْ أَقَامَ ضَامِنًا مَلِيئًا أَوْ رَهْنًا مُحَرَّزًا، أَوْ وَكِيلًا يَقْضِيهِ مُتَبَرِّعًا جَازَ) وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ وَفَاءٌ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَرَامٍ وَالِدَ جَابِرٍ " خَرَجَ إلَى أُحُدٍ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ فَاسْتُشْهِدَ، وَقَضَى عَنْهُ ابْنُهُ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ " وَلِعَدَمِ ضَيَاعِ حَقِّ الْغَرِيمِ إذَنْ.

(وَلَا) يُجَاهِدُ تَطَوُّعًا (مَنْ أَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ عَاقِلَانِ، إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: أَحَدُ أَبَوَيْهِ (كَذَلِكَ) أَيْ: حُرًّا مُسْلِمًا عَاقِلًا لَمْ يُجَاهِدْ تَطَوُّعًا (إلَّا بِإِذْنِهِ) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُجَاهِدُ؟ فَقَالَ: لَك أَبَوَانِ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ رَجُلًا هَاجَرَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْيَمَنِ فَقَالَ: هَلْ لَك أَحَدٌ بِالْيَمَنِ فَقَالَ: أَبَوَايَ، فَقَالَ: أَذِنَا لَك؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَارْجِعْ فَاسْتَأْذِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>