للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَفْسِ السَّبْيِ، فَفِي قَتْلِهِمْ إتْلَافُ الْمَالِ فَإِنْ شُكَّ فِي بُلُوغِ الصَّبِيِّ عُوِّلَ عَلَى شَعْرِ الْعَانَةِ قَالَ فِي الْبُلْغَةِ.

(وَخُنْثَى) لِاحْتِمَالٍ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً (وَرَاهِبٌ، وَلَوْ خَالَطَ النَّاسَ) لِقَوْلِ عُمَرَ " سَتَمُرُّونَ عَلَى قَوْمٍ فِي صَوَامِعَ لَهُمْ، احْتَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ فِيهَا، فَدَعُوهُمْ حَتَّى يَبْعَثَهُمْ اللَّهُ عَلَى ضَلَالِهِمْ ".

(وَشَيْخٌ فَانٍ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " نَهَى عَنْ قَتْلِهِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَعْتَدُوا} [البقرة: ١٩٠] بِقَوْلِهِ: " لَا تَقْتُلُوا النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ، وَالشَّيْخَ الْكَبِيرَ "؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ أَشْبَهَ الْمَرْأَةَ وَيُحْمَلُ مَا رُوِيَ عَنْ قَتْلِ الْمُقَاتِلَةِ الَّذِينَ فِيهِمْ قُوَّةٌ مَعَ أَنَّهُ عَامٌّ وَخَبَرُنَا خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ.

(وَزَمِنٌ وَأَعْمَى) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا نِكَايَةٌ فَأَشْبَهَا الشَّيْخَ الْفَانِيَ (وَفِي الْمُغْنِي) وَالشَّرْحِ (وَعَبْدٌ وَفَلَّاحٌ) لَا يُقَاتِلُ لِقَوْلِ " عُمَرَ اتَّقُوا اللَّهَ فِي الْفَلَّاحِينَ الَّذِينَ لَا يَنْصِبُونَ لَكُمْ الْحَرْبَ "؛ وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَمْ يُقَاتِلُوهُمْ حِينَ فَتَحُوا الْبِلَادَ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ، أَشْبَهُوا الشُّيُوخَ وَالرُّهْبَانَ.

وَفِي الْإِرْشَادِ: وَحَبْرٌ (لَا رَأْيَ لَهُمْ) فَمَنْ كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ ذَا رَأْيٍ - وَخَصَّهُ فِي الشَّرْحِ بِالرِّجَالِ - وَفِيهِ شَيْءٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ - جَازَ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ قُتِلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ شَيْخٌ لَا قِتَالَ فِيهِ، لِأَجْلِ اسْتِعَانَتِهِمْ بِرَأْيِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتْلَهُ؛ وَلِأَنَّ الرَّأْيَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَعُونَةِ عَلَى الْحَرْبِ وَرُبَّمَا كَانَ أَبْلَغَ فِي الْقِتَالِ قَالَ الْمُتَنَبِّي:

الرَّأْيُ قَبْلَ شَجَاعَةِ الشُّجْعَانِ ... هُوَ أَوَّلُ وَهِيَ الْمَحَلُّ الثَّانِي

فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِنَفْسِ مَرَّةً ... بَلَغَتْ مِنْ الْعَلْيَاءِ كُلَّ مَكَانِ

وَلَرُبَّمَا طَعَنَ الْفَتَى أَقْرَانَهُ ... بِالرَّأْيِ قَبْلَ تَطَاعُنِ الْفُرْسَانِ

(إلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا) ، فَيَجُوزُ قَتْلُهُمْ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَتَلَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ امْرَأَةً أَلْقَتْ رَحًى عَلَى مَحْمُودِ بْنِ سَلَمَةَ» .

وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ هَذِهِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا نَازَعَتْنِي قَائِمَ سَيْفِي، فَسَكَتَ» (أَوْ يُحَرِّضُوا عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْقِتَالِ فَإِنْ حَرَّضَ أَحَدٌ مِنْهُمْ جَازَ قَتْلُهُ فَإِنَّ تَحْرِيضَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ أَبْلَغُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِمْ الْقِتَالَ بِأَنْفُسِهِمْ.

(وَلَا يُقْتَلُ مَعْتُوهٌ) أَيْ: مُخْتَلُّ الْعَقْلِ (مِثْلُهُ لَا يُقَاتَلُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا نِكَايَةَ فِيهِ أَشْبَهَ الصَّبِيَّ (وَيَأْتِي مَا يَحْصُلُ بِهِ الْبُلُوغُ) فِي الْحَجْرِ (وَيُقْتَلُ الْمَرِيضُ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَوْ كَانَ صَحِيحًا قَاتَلَ، كَالْإِجْهَازِ عَلَى الْجَرِيحِ) ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ حَيًّا ضَرَرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>