للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقِتَالِ بِالسَّيْفِ (وَلَيْسَ لَهُ الْقِتَالُ عَلَى فَرَسٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي رُكُوبِ دَابَّةٍ مِنْ دَوَابِّهَا (وَلَا لُبْسُ ثَوْبٍ) مِنْ الْغَنِيمَةِ لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَلَيْسَ لِأَجِيرٍ لِحِفْظِ غَنِيمَةٍ رَكُوبُ دَابَّةٍ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهَا بِمَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ (إلَّا بِشَرْطٍ) " بِأَنْ شَرَطَ لَهُ الْأَمِيرُ رَكُوبَهَا إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً، وَعُيِّنَتْ الْمَسَافَةُ، بَلْ ظَاهِرُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنَا.

(وَلَا) لِأَجِيرٍ لِحِفْظِ الْغَنِيمَةِ (رَكُوبُ دَابَّةٍ حَبِيسٍ) أَيْ: مَوْقُوفَةٍ عَلَى الْغَزَاةِ، لِوُجُوبِ صَرْفِ الْوَقْفِ لِلْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا (وَلَوْ بِشَرْطٍ) أَيْ: وَلَوْ شَرَطَ الْأَمِيرُ لِلْأَجِيرِ رَكُوبَ الْحَبِيسِ، فَلَا يَسْتَبِيحُهُ بِذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ: رَكِبَ الْأَجِيرُ الْفَرَسَ الْحَبِيسَ (فَ) عَلَيْهِ (أُجْرَةُ مِثْلِهَا) لِتَعَدِّيهِ بِإِتْلَافِ الْمَنْفَعَةِ فَيُرَدُّ فِي الْغَنِيمَةِ إنْ كَانَتْ مِنْهَا، وَتُصْرَفُ فِي نَفَقَةِ الْحَبِيسِ، إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ حَبِيسًا.

(وَمَنْ أَخَذَ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَزَاةٍ مُعَيَّنَةٍ فَالْفَاضِلُ) مِنْهُ (لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَنَةِ وَالنَّفَقَةِ فَكَانَ الْفَاضِلُ لَهُ، كَمَا لَوْ وَصَّى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فُلَانٌ حَجَّةً بِأَلْفٍ يُصْرَفُ فِي حَجَّةٍ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ الزَّكَاةِ.

(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لِيَسْتَعِينَ بِهِ فِي غَزَاةٍ مُعَيَّنَةٍ، بَلْ لِيَسْتَعِينَ بِهِ فِي الْغَزْوِ، أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (أَنْفَقَهُ فِي الْغَزْوِ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ إيَّاهُ، لِيُنْفِقَهُ فِي جِهَةِ قُرْبَةٍ فَلَزِمَهُ إنْفَاقُ الْجَمِيعِ فِيهَا كَمَا لَوْ وَصَّى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ، فَإِنَّهُ يُصْرَفُ فِي حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يَنْفَدَ.

(وَإِنْ أُعْطِيَهُ) أَيْ: الْمَالُ (لِيَسْتَعِينَ بِهِ فِي الْغَزْوِ لَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ لِأَهْلِهِ شَيْئًا) قَبْلَ خُرُوجِهِ، وَلَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ (إلَّا أَنْ يَصِيرَ إلَى رَأْسِ مَغْزَاهُ) ، فَيَكُونُ كَهَيْئَةِ مَالِهِ (فَيَبْعَثُ إلَى عِيَالِهِ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ حَوَائِجِهِ.

(وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ: فِيمَا أُعْطِيَهُ لِيَسْتَعِينَ بِهِ فِي الْغَزْوِ (عِنْدَ الْخُرُوجِ لِئَلَّا يَتَخَلَّفَ عَنْ الْغَزْوِ) ، فَلَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِمَا أَنْفَقَهُ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ سِلَاحًا وَآلَةَ الْغَزْوِ) كَالتُّرْسِ وَالْفَرَسِ.

(وَمَنْ أُعْطِيَ دَابَّةً لِيَغْزُوَ عَلَيْهَا غَيْرَ عَارِيَّةٍ وَلَا حَبِيسٍ فَغَزَا عَلَيْهَا مَلَكَهَا) بِالْغَزْوِ عَلَيْهَا لِقَوْلِ عُمَرَ " حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَضَاعَهُ صَاحِبُهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «لَا تَشْتَرِهِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ مَا بَاعَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهُ بَعْدَ الْغَزْوِ؛ وَلِأَنَّهُ أَقَامَهُ لِلْبَيْعِ بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِيَأْخُذَهُ مِنْ عُمَرَ ثُمَّ يُقِيمَهُ لِلْبَيْعِ فِي الْحَالِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَهُ لِلْبَيْعِ بَعْدَ غَزْوِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>