للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَكِنْ اخْتَرْ إنْ شِئْتَ أَدِّ الْخَرَاجَ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُضَيِّفَ الْمُسْلِمِينَ فَاخْتَارَ الضِّيَافَةَ " لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الضِّيَافَةُ يَبْلُغُ قَدْرُهَا مَا يُقَابِلُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَبْلُغَ قَدْرُهَا أَقَلَّ الْجِزْيَةِ إذَا قُلْنَا هِيَ مُقَدَّرَةٌ لِئَلَّا يَنْقُصَ خَرَاجُهُ مِنْ أَقَلِّهَا اهـ وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرْحِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهَا إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ.

(وَإِذَا شَرَطَ فِي) عَقْدِ (الذِّمَّةِ شَرْطًا فَاسِدًا مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ أَوْ) يَشْتَرِطَ (إظْهَارَهُمْ الْمُنْكَرَ أَوْ إسْكَانَهُمْ الْحِجَازَ وَنَحْوَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَصَحَّحَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: أَنَّهُ يَفْسُدُ الشَّرْطُ دُونَ الْعَقْدِ ذَكَرَهُ فِي الْهُدْنَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى هُنَاكَ.

(وَإِذَا تَوَلَّى إمَامٌ فَعَرَفَ قَدْرَ جِزْيَتِهِمْ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ) قَدْرُ جِزْيَتِهِمْ (ظَاهِرًا أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْخُلَفَاءَ أَقَرُّوهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَجِدُوا لِمَنْ كَانَ فِي زَمَنِهِمْ عَقَدًا، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ كَالْإِجَارَةِ أَوْ عَقْدٌ بِالِاجْتِهَادِ فَلَا يُنْقَضُ.

(وَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْهُ) أَيْ: مَا عَلَيْهِمْ (رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمْ فِيمَا يَسُوغُ أَنْ يَكُونَ جِزْيَةً) لِإِنْكَارِهِمْ مَا زَادَ (وَلَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (تَحْلِيفُهُمْ مَعَ التُّهْمَةِ) أَيْ: اتِّهَامِهِ إيَّاهُمْ فِيمَا يَذْكُرُونَهُ (فَإِنْ بَانَ لَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (كَذِبُهُمْ) وَأَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ بِنَقْصٍ عَمَّا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ لِمَنْ قَبْلَهُ (رَجَعَ عَلَيْهِمْ) بِمَا بَقِيَ لِبَقَائِهِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ قَالُوا كُنَّا نُؤَدِّي كَذَا جِزْيَةٍ وَكَذَا هَدِيَّةٍ اسْتَحْلَفَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِيمَا يَدْفَعُونَهُ أَنَّهُ كُلَّهُ جِزْيَةٌ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ كُنَّا نُؤَدِّي دِينَارًا، وَبَعْضُهُمْ كُنَّا نُؤَدِّي دِينَارَيْنِ، أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ؛ لِأَنَّ أَقْوَالَهُمْ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ.

(وَإِذَا عَقَدَ الْإِمَامُ الذِّمَّةَ كَتَبَ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ) فَيُكْتَبُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ.

(وَ) كَتَبَ (حِلَاهُمْ) جَمْعُ حِلْيَةٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهَا، فَيُكْتَبُ طَوِيلٌ أَوْ قَصِيرٌ، أَوْ رَبْعَةٌ أَسْمَرُ أَوْ أَخْضَرُ أَوْ أَبْيَضُ مَقْرُونُ الْحَاجِبَيْنِ أَوْ مَفْرُوقُهُمَا أَدْعَجُ الْعَيْنِ، أَقْنَى الْأَنْفِ أَوْ ضِدُّهُمَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ اللَّازِمَةِ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِهِ.

(وَ) كَتَبَ (دِينَهُمْ) فَيَقُولُ يَهُودِيٌّ، أَوْ نَصْرَانِيٌّ، أَوْ مَجُوسِيٌّ (وَجَعَلَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ عَرِيفًا) وَهُوَ الْقَيِّمُ بِأُمُورِ الْقَبِيلَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ، وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ «الْعِرَافَةُ حَقٌّ» (مُسْلِمًا) لِيُقْبَلَ خَبَرُهُ وَيَجْمَعُهُمْ عِنْدَ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، وَ (يَكْشِفَ حَالَ مَنْ بَلَغَ أَوْ اسْتَغْنَى أَوْ أَسْلَمَ أَوْ سَافَرَ وَنَحْوَهُ) كَمَنْ عَتَقَ مِنْ أَرِقَّائِهِمْ، أَوْ أَفَاقَ مِنْ مَجَانِينِهِمْ لِيَتَعَرَّفَ أَمْرَ الْجِزْيَةِ (أَوْ نَقْضَ الْعَهْدِ أَوْ خَرَقَ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>