للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ جَائِزَ التَّصَرُّفِ]

فَصْلٌ الشَّرْطُ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ: (أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ) مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ (جَائِزَ التَّصَرُّفِ وَهُوَ) الْحُرُّ (الْبَالِغُ الرَّشِيدِ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ وَنَائِمٍ وَمُبَرْسَمٍ وَسَفِيهٍ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ يُعْتَبَرُ لَهُ الرِّضَا فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ رَشِيدٍ كَالْإِقْرَارِ (إلَّا الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ وَالسَّفِيهَ فَيَصِحُّ، تَصَرُّفُهُمَا بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا وَلَوْ فِي الْكَثِيرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: ٦] أَيْ: اخْتَبِرُوهُمْ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِتَفْوِيضِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إلَيْهِمْ (وَحَرُمَ عَلَى الْوَلِيِّ لَهُمَا) أَيْ: لِلْمُمَيِّزِ وَالسَّفِيهِ فِي التَّصَرُّفِ (لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضَاعَةِ.

(وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ الْمُمَيِّزِ وَالسَّفِيهِ (قَبُولُ هِبَةٍ) وَنَحْوِهَا (وَوَصِيَّةٍ بِلَا إذْنِ) وَلِيٍّ كَالْبَيْعِ (وَاخْتَارَ الْمُوَفَّقُ وَجَمْعٌ) مِنْهُمْ الشَّارِحُ وَالْحَارِثِيُّ (صِحَّتَهُ) أَيْ (صِحَّةَ) قَبُولِ هِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ (مِنْ مُمَيِّزٍ) بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ (كَعَبْدٍ) أَيْ: كَمَا يَصِحُّ فِي الْعَبْدِ قَبُولُ الْهِبَةِ، وَالْوَصِيَّةِ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ نَصًّا وَيَكُونَانِ لِسَيِّدِهِ.

(وَيَصِحُّ تَصَرُّفُ صَغِيرٍ، وَلَوْ دُونَ تَمْيِيزٍ) فِي يَسِيرٍ لِمَا رُوِيَ " أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ اشْتَرَى مِنْ صَبِيٍّ عُصْفُورًا فَأَرْسَلَهُ " ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى.

(وَ) يَصِحُّ أَيْضًا تَصَرُّفُ (رَقِيقٍ وَسَفِيهٍ بِغَيْرِ إذْنِ) وَلِيٍّ وَسَيِّدٍ (فِي) شَيْءٍ (يَسِيرٍ) كَبَاقَةِ الْبَقْلِ وَالْكِبْرِيتِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الْحَجْرِ خَوْفُ ضَيَاعِ الْمَالِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الْيَسِيرِ (وَشِرَاءُ رَقِيقٍ) بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (فِي ذِمَّتِهِ) لَا يَصِحُّ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ وَكَذَا شِرَاؤُهُ بِعَيْنِ الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ،؛ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ (وَاقْتِرَاضُهُ) أَيْ اقْتِرَاضُ الرَّقِيقِ مَالًا (لَا يَصِحُّ كَسَفِيهٍ) بِجَامِعِ الْحَجْرِ (وَتُقْبَلُ مِنْ مُمَيِّزٍ) حُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: وَدُونَهُ (هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ بِهَا وَ) يُقْبَلُ مِنْهُ أَيْضًا (إذْنُهُ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا) عَمَلًا بِالْعُرْفِ.

(قَالَ الْقَاضِي) فِي جَامِعِهِ (وَمِنْ كَافِرٍ وَفَاسِقٍ) وَذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ إجْمَاعًا.

وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ يُقْبَلُ مِنْهُ (إذَا ظُنَّ صِدْقُهُ) بِقَرِينَةٍ وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا مُتَّجَهٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>