للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ مُجَاهِدٌ إذَا كَانَ عَاقِلًا وَلِأَنَّ الْعَدَالَةَ لَا تُعْتَبَرُ فِي الرُّشْدِ فِي الدَّوَامِ فَلَا تُعْتَبَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، كَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا فَعَلَى هَذَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ وَإِنْ كَانَ مُفْسِدًا لِدِينِهِ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَمَنَعَ الزَّكَاةَ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(وَلَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالٌ) بَعْدَ بُلُوغِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ رُشْدِهِ (وَلَوْ صَارَ شَيْخًا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يُدْفَعُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِحَظِّهِ مَالُهُ (حَتَّى يُخْتَبَرَ) أَيْ يُمْتَحَنَ (بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَيُؤْنَسَ) أَيْ يُعْلَمَ (رُشْدُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: ٦] الْآيَةَ أَيْ فَاخْتَبِرُوهُمْ فَعَلَّقَ الدَّفْعَ عَلَى الِاخْتِبَارِ وَالْبُلُوغِ وَإِينَاسِ الرُّشْدِ فَوَجَبَ اخْتِبَارُهُ بِتَفْوِيضِ التَّصَرُّفِ إلَيْهِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ (فَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ التُّجَّارِ، وَهُمْ) أَيْ التُّجَّارُ (مَنْ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي) لِطَلَبِ الرِّبْحِ (فَ) إينَاسُ الرُّشْدِ مِنْهُ (بِأَنْ يَتَكَرَّرَا) أَيْ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ (مِنْهُ فَلَا يُغْبَنُ غَالِبًا غَبْنًا فَاحِشًا وَأَنْ يَحْفَظَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ صَرْفِهِ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، كَالْقِمَارِ وَالْغِنَاءِ وَشِرَاءِ الْمُحَرَّمَاتِ) كَالْخَمْرِ وَآلَاتِ اللَّهْوِ (وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ الصَّدَقَةُ بِهِ وَصَرْفُهُ فِي بَابِ بِرٍّ) كَغَزْوٍ وَحَجٍّ.

(وَ) صَرْفُهُ فِي (مَطْعَمٍ وَمَشْرَبٍ وَمَلْبَسٍ وَمَنْكَحٍ لَا يَلِيقُ بِهِ: تَبْذِيرًا إذْ لَا إسْرَافَ فِي الْخَبَرِ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: الْإِسْرَافُ مَا صَرَفَهُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، أَوْ كَانَ صَرْفُهُ فِي الْمُبَاحِ يَضُرُّ بِعِيَالِهِ أَوْ كَانَ وَحْدَهُ وَلَمْ يَثِقْ بِإِيمَانِهِ أَوْ أَسْرَفَ فِي مُبَاحٍ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الْمَصْلَحَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْحَاشِيَةِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ: أَنَّ الْإِسْرَافَ صَرْفُ الشَّيْءِ فِيمَا يَنْبَغِي زَائِدًا عَلَى مَا يَنْبَغِي وَالتَّبْذِيرَ صَرْفُ الشَّيْءِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي (وَيُخْتَبَرُ ابْنُ الْمَزَارِعِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالزِّرَاعَةِ وَالْقِيَامِ عَلَى الْعُمَّالِ وَالْقُوَّامِ وَ) يُخْتَبَرُ (ابْنُ الْمُحْتَرِفِ) أَيْ صَاحِبِ الصِّنَاعَةِ (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحِرْفَتِهِ وَ) يُخْتَبَرُ (ابْنُ الرَّئِيسِ وَالصَّدْرِ الْكَبِيرِ، وَ) ابْنُ (الْكَاتِبِ الَّذِينَ يُصَانُ أَمْثَالُهُمْ عَنْ الْأَسْوَاقِ، بِأَنْ تُدْفَعَ إلَيْهِ نَفَقَتُهُ مُدَّةً لِيُنْفِقَهَا فِي مَصَالِحِهِ فَإِنْ صَرَفَهَا فِي مَصَارِفِهَا وَمَرَافِقِهَا وَاسْتَوْفَى عَلَى وَكِيلِهِ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ، وَاسْتَقْصَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى وَكِيلِهِ (دَلَّ ذَلِكَ عَلَى رُشْدِهِ) فَيُعْطَى مَالَهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْكُلِّ مَا تَقَدَّمَ، فِي ابْنِ التَّاجِرِ مِنْ حِفْظِ مَا فِي يَدِهِ عَنْ صَرْفِهِ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَوْ أَخَّرَهُ وَأَرْجَعَهُ إلَى الْكُلِّ كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ لَكَانَ أَفْيَدُ.

(وَ) إذَا عُلِمَ رُشْدُهُ أُعْطِيَ مَالَهُ (سَوَاءٌ رَشَّدَهُ الْوَلِيُّ أَوْ لَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] .

(قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>