للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ قَالَ) رَبُّ أَرْضٍ: (أَنَا أَزْرَعُ الْأَرْضَ بِبَذْرِي وَعَوَامِلِي وَتَسْقِيهَا بِمَائِكَ وَالزَّرْعُ بَيْنَنَا، لَمْ يَصِحَّ) ؛؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمُزَارَعَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْأَرْضُ وَمِنْ الْآخَرِ الْعَمَلُ، وَصَاحِبُ الْمَاءِ لَيْسَ مِنْهُ أَرْضٌ وَلَا عَمَلٌ وَلَا بَذْرٌ وَ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُسْتَأْجَرُ، فَكَيْفَ تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ بِهِ؟ .

(وَإِنْ زَارَعَ شَرِيكَهُ فِي نَصِيبِهِ صَحَّ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلْعَامِلِ أَكْثَرُ مِنْ نَصِيبِهِ) بِأَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: اعْمَلْ عَلَيْهِ وَلَكَ الثُّلُثَانِ فَيَصِحَّ وَيَكُونَ السُّدُسُ الزَّائِدُ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ (وَتَقَدَّمَ) وَنَحْوُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ (قَرِيبًا) .

(وَمَا سَقَطَ مِنْ حَبٍّ وَقْتَ حَصَادٍ فَنَبَتَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ مَالِكًا كَانَ) رَبُّ الْأَرْضِ (أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْحَبِّ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ؛؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَرْكُ ذَلِكَ لِمَنْ يَأْخُذُهُ.

(وَكَذَا نَصَّ) الْإِمَامُ (فِيمَنْ بَاعَ قَصِيلًا، فَحَصَدَهُ فَبَقِيَ يَسِيرًا فَصَارَ سُنْبُلًا فَ) هُوَ (لِرَبِّ الْأَرْضِ) ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَيُبَاحُ الْتِقَاطُ مَا خَلَّفَهُ الْحَصَّادُونَ مِنْ سُنْبُلٍ وَحَبٍّ وَغَيْرِهِمَا) بِلَا خِلَافٍ؛ لِجَرَيَانِ ذَلِكَ مَجْرَى نَبْذِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّرْكِ لَهُ (وَيَحْرُمُ مَنْعُهُ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ؛) ؛ لِأَنَّهُ مَنْعٌ مِنْ مُبَاحٍ.

(وَإِذَا غُصِبَ زَرْعُ إنْسَانٍ وَحَصَدَهُ) الْغَاصِبُ (أُبِيحَ لِلْفُقَرَاءِ الْتِقَاطُ السُّنْبُلِ الْمُتَسَاقِطِ، كَمَا لَوْ حَصَدَهَا الْمَالِكُ وَكَمَا يُبَاحُ رَعْيُ الْكَلَإِ مِنْ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ) وَاسْتَشْكَلَ بِدُخُولِ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ.

(وَإِنْ خَرَجَ الْأَكَّارُ) أَيْ الزَّارِعُ (بِاخْتِيَارِهِ وَتَرَكَ الْعَمَلَ قُبَيْلَ الزَّرْعِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ ظُهُورِهِ) أَيْ الزَّرْع (وَأَرَادَ) الْأَكَّارُ (أَنْ يَبِيعَ عَمَلَ يَدَيْهِ فِي الْأَرْضِ) مِنْ حَرْثٍ وَنَحْوِهِ (وَمَا عَمِلَ) أَيْ أَنْفَقَ (فِي الْأَرْضِ لَمْ يَجُزْ) ذَلِكَ، خِلَافًا لِلْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ.

(وَلَا شَيْءَ لَهُ) كَالْعَامِلِ فِي الْمُسَاقَاةِ (وَإِنْ أَخْرَجَهُ مَالِكُ ذَلِكَ فَلَهُ أُجْرَةُ) مِثْلِ (عَمَلِهِ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْأَرْضِ) ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، فَوَجَبَ لَهُ بَدَلُهُ وَهُوَ قِيمَتُهُ.

وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا فُسِخَتْ الْمُزَارَعَةُ بَعْدَ ظُهُورِ الزَّرْعِ لِلْعَامِلِ نَصِيبُهُ، وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْعَمَلِ كَالْمُسَاقَاةِ.

(وَلَا يَجُوزُ) لِرَبِّ الْأَرْضِ (أَنْ يَشْرِطَ عَلَى الْفَلَّاحِ شَيْئًا مَأْكُولًا وَلَا غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ مَأْكُولٍ (مِنْ دَجَاجٍ وَلَا غَيْرِهَا الَّتِي يُسَمُّونَهَا خِدْمَةً) وَيُسَمَّى الْآنَ ضِيَافَةً (وَلَا أَخْذُهُ) أَيْ الدَّجَاجِ وَنَحْوِهِ (بِشَرْطٍ وَلَا غَيْرِهِ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُكَافَأَتَهُ أَوْ الِاحْتِسَابَ بِهِ مِنْ أُجْرَةِ الْأَرْضِ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بَيْنَهُمَا بِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَرْضَهُ، عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَرْضِ.

(وَلَوْ أَجَّرَ) إنْسَانٌ (أَرْضَهُ سَنَةً لِمَنْ يَزْرَعُهَا فَزَرَعَهَا) الْمُسْتَأْجِرُ زَرْعًا يَنْبُتُ فِي سَنَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>