للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط الْإِجَارَةِ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً لِغَيْرِ ضَرُورَة]

(أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ) .

أَيْ بِأَنْ تُبَاحَ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا يُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ أَوْ لِلْحَاجَةِ كَأَوَانِي الذَّهَبِ وَالْكَلْبِ (مَقْصُودَةً) عَادَةً إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى الزِّنَا، وَالزَّمْرِ، وَالْغِنَاءِ، وَالنِّيَاحَةِ؛) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُبَاحَةٍ (وَلَا إجَارَةُ كَاتِبٍ يَكْتُبُ ذَلِكَ) أَيْ الْغِنَاءَ وَالنَّوْحَ وَكَذَا كِتَابَةُ شِعْرٍ مُحَرَّمٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ كَلَامٍ مُحَرَّمٍ؛؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ مُحَرَّمٌ.

(وَلَا إجَارَةُ الدَّارِ لِتُجْعَلَ كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ أَوْ لِبَيْعِ الْخَمْرِ، أَوْ لِلْقِمَارِ؛) لِأَنَّ ذَلِكَ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ.

وَقَالَ تَعَالَى {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] وَسَوَاءٌ (شُرِطَ) ذَلِكَ (فِي الْعَقْدِ أَوْ لَا) إذَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرَائِنُ (وَلَوْ اكْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ دَارًا) لِيَسْكُنَهَا (فَأَرَادَ بَيْعَ الْخَمْرِ) فِيهَا (فَلِصَاحِبِ الدَّارِ مَنْعُهُ) مِنْ ذَلِكَ؛؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ.

(وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَا يُجَمِّلُ بِهِ دُكَّانَهُ مِنْ نَقْدٍ وَشَمْعٍ وَنَحْوِهِمَا) كَأَوَانٍ (وَلَا طَعَامٍ لِيَتَجَمَّلَ بِهِ عَلَى مَائِدَتِهِ ثُمَّ يَرُدَّهُ؛؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ) وَمَا لَا يُقْصَدُ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ.

(وَلَا) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (ثَوْبٍ لِتَغْطِيَةِ نَعْشِ) الْمَيِّتِ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.

(وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى حَمْلِ مَيْتَةٍ وَنَحْوِهَا لِأَكْلٍ لِغَيْرِ مُضْطَرٍّ) ؛؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِمُضْطَرٍّ صَحَّتْ.

(وَ) لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى حَمْلِ (خَمْرٍ) لِمَنْ (يَشْرَبُهَا) ؛؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " لَعَنَ حَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ (وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) أَيْ لِمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِشَيْءٍ مُحَرَّمٍ مِمَّا تَقَدَّمَ.

(وَيَصِحُّ) الِاسْتِئْجَارُ (لِإِلْقَاءِ) الْمَيْتَةِ (وَ) لِ (إرَاقَةِ الْخَمْرِ) ؛؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَلَا تَنْدَفِعُ بِدُونِ إبَاحَةِ أَشْجَارِهِ لَهُ، (وَلَا يُكْرَهُ أَكْلُ أُجْرَةِ ذَلِكَ) أَيْ الْإِلْقَاءِ وَالْإِرَاقَةِ.

(وَيَصِحُّ) الِاسْتِئْجَارُ (لِكَسْحِ كَنِيفٍ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

(وَيُكْرَهُ لَهُ أَكْلُ أُجْرَتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الدَّنَاءَةِ (كَ) مَا يُكْرَهُ لِلْحُرِّ أَكْلُ (أُجْرَةِ حَجَّامٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَالَ «أَطْعِمْهُ نَاضِحَكَ وَرَقِيقَكَ» قُلْتُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا سَبَقَ مِنْ أُجْرَةِ (

<<  <  ج: ص:  >  >>