للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمَعَ بَيْنَ مُتَضَادَّيْنِ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ الْمُدَّةَ يَقْتَضِي التَّفْرِيغَ بَعْدَهَا وَشَرْطُ التَّبْقِيَةِ يُخَالِفُهُ، وَلِأَنَّ مُدَّةَ التَّبْقِيَةِ مَجْهُولَةٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ: فَلِأَنَّهُ اكْتَرَاهَا لِزَرْعِ شَيْءٍ لَا يُنْتَفَعُ بِزَرْعِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَشْبَهَ إجَارَةَ أَرْضِ السَّبْخَةِ لِلزَّرْعِ.

(وَإِذَا تَسَلَّمَ الْعَيْنَ) الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا (فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ) أَوْ بَعْضُهَا أَوْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا أَوَّلًا (فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِمُدَّةِ بَقَائِهَا فِي يَدِهِ (سَكَنَ أَوْ لَمْ يَسْكُنْ) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لِلْمُؤَجِّرِ فَرَجَعَ إلَى قِيمَتِهَا كَمَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ.

(وَإِنْ لَمْ يَتَسَلَّمْ) الْعَيْنَ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (لَمْ يَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ وَلَوْ بَذَلَهَا) أَيْ الْعَيْنِ (الْمَالِكُ) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ تَتْلَفْ تَحْتَ يَدِهِ وَالْعَقْدُ الْفَاسِدُ لَا أَثَرَ لَهُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ.

(وَإِنْ اكْتَرَى) الْمُسْتَأْجِرُ (بِدَرَاهِمَ وَأَعْطَاهُ) أَيْ الْمُؤَجِّرَ (عَنْهَا دَنَانِيرَ) أَوْ ثِيَابًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا أَوْ نَحْوَهُ (ثُمَّ انْفَسَخَ الْعَقْدُ) بِالْعَيْبِ أَوْ نَحْوِهِ (رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالدَّرَاهِمِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا انْفَسَخَ رَجَعَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْعِوَضِ الَّذِي بَذَلَهُ وَعِوَضُ الْعَقْدِ هُوَ الدَّرَاهِمُ وَالْمُؤَجِّرُ أَخَذَ الدَّنَانِيرَ وَنَحْوَهَا بِعَقْدٍ آخَرَ وَلَمْ يَنْفَسِخْ أَشْبَهَ مَا إذَا قَبَضَ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ صَرَفَهَا بِدَنَانِيرَ، أَوْ اشْتَرَى بِهَا شَيْئًا وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ وَتَقَدَّمَ.

(وَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ أَوْ اسْتَوْفَى الْعَمَلَ مِنْ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ (رَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ يَدَهُ عَنْ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرَ (الرَّدُّ وَلَا مُؤْنَتُهُ كَمُودِعِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ فَلَا يَقْتَضِي الرَّدَّ وَلَا مُؤْنَتَهُ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ وَفِي التَّبْصِرَةِ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَدُّ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ.

(وَتَكُونُ) الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (فِي يَدِهِ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (أَمَانَةً) كَمَا كَانَتْ فِي الْمُدَّةِ.

فَ (إنْ تَلِفَتْ) الْمُؤَجَّرَةُ قَبْلَ رَدِّهَا (مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ) وَلَا تَعَدٍّ (فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) كَالْوَدِيعَةِ لَكِنْ مَتَى طَلَبَهَا رَبُّهَا وَجَبَ تَمْكِينُهُ مِنْهَا فَإِنْ مَنَعَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ صَارَتْ مَضْمُونَةً كَالْمَغْصُوبَةِ، وَتَمْلَؤُهَا كَالْأَصْلِ.

فَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ كَانَ وَلَدُهَا أَمَانَةً كَأُمِّهِ، وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْعَقْدِ وَهَلْ لَهُ إمْسَاكُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ أَمْ لَا كَمَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبَ غَيْرِهِ خَرَّجَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ عَلَى وَجْهَيْنِ.

(وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (الرَّدَّ) أَيْ رَدَّ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ إلَى مَالِكِهَا إذَا أَنْكَرَهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ) أَيْ الْمُؤَجِّرُ (لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ) فَهُوَ (كَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَعِيرِ) .

وَالْمُضَارِبِ " تَتِمَّةٌ " قَالَ الْقَاضِي فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ: أَنَّ لَهُ الْمُسَافَرَةَ بِهِ فِي الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ قَالَ فَإِنْ شَرَطَ تَرْكَ الْمُسَافَرَةِ بِهِ لَزِمَ الشَّرْطَ وَقَالَ: لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَافِرَ بِرَقِيقِهِ إذَا آجَرَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>