للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْيَدِ عَلَيْهِ كَالْأَخْذِ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْقِيَامِ الْمُجَرَّدِ) عَنْ الْأَخْذِ، وَوَضْعِ الْيَدِ (عِنْدَهُ) أَيْ: عِنْدَ اللَّقِيطِ؛ لِأَنَّ الِالْتِقَاطَ حَقِيقَةٌ فِي الْأَخْذِ، وَفِي مَعْنَاهُ وَضْعُ الْيَدِ فَلَا يُوجَدُ بِدُونِهِمَا.

(إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ) الْمُلْتَقِطُ (لِلْغَيْرِ بِأَمْرِهِ فَالْمُلْتَقِطُ هُوَ الْآمِرُ فِي قَوْلِ) مَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الِالْتِقَاطِ (وَالْآخِذُ نَائِبٌ عَنْهُ) أَيْ: الْآمِرِ فَهُوَ كَاسْتِنَابَتِهِ فِي أَخْذِ الْمُبَاحِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْوِكَالَةِ لَا تَصِحُّ فِي الِالْتِقَاطِ فَالْمُلْتَقِطُ هُوَ الْآخِذُ لَا الْآمِرُ.

(فَإِنْ نَوَى) الْمَأْمُورُ (أَخْذَهُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) وَلَوْ قُلْنَا بِصِحَّةِ الْوِكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّةِ أَخْذِهِ لِنَفْسِهِ عَزَلَ نَفْسَهُ.

(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمُلْتَقِط مِنْهُمَا) بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الَّذِي الْتَقَطَهُ وَحْدَهُ (قُدِّمَ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ) بِهِ (سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أَمْ فِي يَدِ غَيْرِهِ) إعْمَالًا لِبَيِّنَتِهِ (فَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخِيًّا) ؛ لِأَنَّ الثَّانِي إنَّمَا أَخَذَ مِمَّنْ ثَبَتَ الْحَقُّ لَهُ قَالَ الْحَارِثِيُّ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ اللَّقِيطَ لَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ مِنْ شَخْصٍ إلَى شَخْصٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ فَهُوَ كَالْمَالِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا فِي بَيِّنَةِ الْمَالِ مِنْ رِوَايَةِ اعْتِبَارِ سَبْقِ التَّارِيخِ وَرِوَايَةِ تَسَاوِيهِمَا أَعْنِي: الْبَيِّنَتَيْنِ (فَإِنْ اتَّحَدَتَا تَارِيخًا أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا، وَأُطْلِقَتْ الْأُخْرَى تَعَارَضَتَا، وَسَقَطَتَا) فَيَصِيرَانِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَكَدَعْوَى الْمَالِ فَتُقَدَّمَ بَيِّنَةُ خَارِجٍ.

(وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ قُدِّمَ صَاحِبُ الْيَدِ مَعَ يَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ تُفِيدُ الْمِلْكَ فَأَوْلَى أَنْ تُفِيدَ الِاخْتِصَاصَ (فَإِنْ كَانَ) اللَّقِيطُ (فِي أَيْدِيهِمَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) لِتَسَاوِيهِمَا فِي مُوجِبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا سَبِيلَ إلَى اشْتِرَاكِهِمَا فِي كَفَالَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (فَمَنْ قَرَعَ) أَيْ: خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (سُلِّمَ إلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا يَدٌ فَوَصَفَهُ أَحَدُهُمَا بِعَلَامَةٍ مَسْتُورَةٍ فِي جَسَدِهِ) بِأَنْ يَقُولَ: بِظَهْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ أَوْ كَتِفِهِ أَوْ فَخِذِهِ شَامَةٌ أَوْ أَثَرُ جُرْحٍ أَوْ نَارٌ، وَنَحْوُهُ فَكُشِفَ، وَوُجِدَ كَمَا ذُكِرَ (قُدِّمَ) عَلَى مَنْ لَمْ يَصِفْهُ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا نَوْعٌ مِنْ اللُّقَطَةِ فَقُدِّمَ بِوَصْفِهَا كَلُقَطَةِ الْمَالِ؛ وَلِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ يَدِهِ عَلَيْهِ (فَإِنْ وَصَفَاهُ جَمِيعًا) بِمَا تَقَدَّمَ (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ.

(وَإِنْ لَمْ يَكُنِ) اللَّقِيطُ (فِي أَيْدِيهِمَا وَلَا فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا وَلَا وَصَفَاهُ وَلَا) وَصَفَهُ أَحَدُهُمَا سَلَّمَهُ الْقَاضِي إلَى مَنْ يَرَى مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ، فَاسْتَوَيَا، وَغَيْرُهُمَا فِيهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَتَنَازَعَاهُ وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: الْأَوْلَى أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا (وَلَا تَخْيِيرَ لِلصَّبِيِّ) إذْ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ بِخِلَافِ اخْتِيَارِهِ أَحَدَ الْأَبَوَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَنِدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>