للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا) أَيْ: الْإِجَازَةِ (قَوْلُ الْوَارِثِ: أَجَزْتُ أَوْ أَمْضَيْتُ أَوْ أَنَفَذْتُ وَنَحْوُ ذَلِكَ) كَرَضِيتُ بِمَا فَعَلَهُ (فَإِذَا قَالَ) الْوَارِثُ (ذَلِكَ لَزِمَتْ الْوَصِيَّةُ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَطِيَّةٍ وَإِلَّا لَانْعَكَسَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ.

(وَإِنْ أَوْصَى أَوْ وَهَبَ لِوَارِثٍ) ظَاهِرًا كَأَخٍ (فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غَيْرَ وَارِثٍ) لِتُجَدِّد ابْنٍ (صَحَّتْ) الْوَصِيَّةُ وَالْعَطِيَّةُ إنْ خَرَجَتَا مِنْ الثُّلُث، لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْوَصِيَّةِ بِحَالِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الِانْتِقَالُ إلَى الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ وَالْعَطِيَّةُ مُلْحَقَةٌ بِالْوَصِيَّةِ فِي ذَلِكَ.

(وَعَكْسُهُ) بِأَنْ أَوْصَى لَهُ وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ كَأَخِيهِ مَعَ وُجُودِ ابْنِهِ، فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَارِثًا لِنَحْوِ مَوْتِ ابْنِهِ (بِعَكْسِهِ) أَيْ: فَتَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ (لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ) لِمَا تَقَدَّمَ وَالْعَطِيَّةُ مُلْحَقَةٌ بِهَا (وَلَا تَصِحُّ إجَازَتُهُمْ) أَيْ: الْوَرَثَةِ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ (وَ) لَا يَصِحُّ (رَدُّهُمْ) حَيْثُ سَاغَ (إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ حِينَئِذٍ فَيَصِحُّ مِنْهُمْ الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.

(فَلَوْ أَجَازُوا قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ: مَوْتِ الْمُوصِي (أَوْ رَدُّوا) قَبْلَهُ (أَوْ أَذِنُوا لِمُوَرِّثِهِمْ فِي صِحَّتِهِ أَوْ) فِي (مَرَضِهِ بِالْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ) وَلَوْ لِأَجْنَبِيٍّ (أَوْ) أَذِنُوا لَهُ بِالْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ (لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ فَلَهُمْ الرَّدُّ بَعْدَ مَوْتِهِ) وَلَا عِبْرَةَ بِمَا صَدَرَ مِنْهُمْ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْتَهُ، كَالْمَرْأَةِ تُسْقِطُ مَهْرَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ، وَالشَّفِيعِ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ.

(وَمَنْ أَجَازَ الْوَصِيَّةَ) لِوَارِثٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (إذَا كَانَتْ) الْوَصِيَّةُ (جُزْءًا مُشَاعًا مِنْ التَّرِكَةِ كَنِصْفِهَا ثُمَّ قَالَ إنَّمَا أَجَزْتُ لِأَنَّنِي ظَنَنْتُ الْمَالَ قَلِيلًا) بِأَنْ كَانَتْ سِتَّةَ آلَافٍ فَقَالَ ظَنَنْتُهُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ: الْمُجِيزِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُجِيزَ إنَّمَا يَتْرُكُ الِاعْتِرَاضَ لِلْمُوصَى لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْمُنَازَعَةَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيَسْتَخِفُّهُ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ لِظَنِّهِ قِلَّةَ الْمَالِ كَانَ الظَّاهِرُ مَعَهُ فَصَدَقَ (مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ كَذِبُهُ.

(وَلَهُ) أَيْ: الْمُجِيزِ (الرُّجُوعُ بِمَا زَادَ عَلَى ظَنِّهِ) لِأَنَّ مَا هُوَ فِي ظَنِّهِ قَدْ أَجَازَهُ فَلَا اعْتِرَاضَ لَهُ فِيهِ فَبَقِيَ مَا لَيْسَ فِي ظَنِّهِ، فَيَرْجِعُ بِهِ فَفِي الْمِثَالِ يَرْجِعُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَيَحْصُلُ لِلْمُوصَى لَهُ أَلْفَانِ وَخَمْسمِائَةٍ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُجِيزِ أَنَّهُ ظَنَّهُ قَلِيلًا لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ (أَوْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِعِلْمِهِ) أَيْ: الْمُجِيزِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ: الْمَالِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ.

(وَإِنْ كَانَ الْمُجَازُ عَيْنًا كَعَبْدٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ) مُعَيَّنٍ (يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ) وَصَّى بِهِ أَوْ وَهَبَهُ الْمَرِيضُ فَأَجَازَ الْوَارِثُ (وَقَالَ) بَعْدَ الْإِجَازَةِ (ظَنَنْتُ الْمَالَ كَثِيرًا تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِهِ فَبَانَ) الْمَالُ (قَلِيلًا أَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ أَعْلَمْهُ) لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>