للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ وَهُوَ احْتِيَاجُ الْمَيِّتِ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَلِأَنَّ الْوَارِثَ كَالنَّائِبِ عَنْ الْمَيِّتِ فِي أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ فَكَانَ الْعِتْقُ مِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَنَحْوَهَا لَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا الدُّخُولُ فِي مِلْك الْمُكَفَّرِ عَنْهُ.

(فَإِنْ تَبَرَّعَ) وَارِثٌ (بِعِتْقِهِ عَنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ (وَلَا تَرِكَةَ) لِلْمَيِّتِ (أَجْزَأَ) الْعِتْقُ (عَنْهُ) كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ بِ (إطْعَامٍ) أَوْ (كِسْوَةٍ) فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ (وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ) لِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَإِذَا كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَنْ يَمِينٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْعِتْقُ وَلَهُ الْإِطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ وَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِمَا أَجْنَبِيٌّ أَوْ يُعْتِقُ عَنْ الْمَيِّتِ أَجْزَأَ وَلِمُتَبَرِّعِ الْوَلَاءِ.

(وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ حَيٍّ (بِأَمْرِهِ) لَهُ بِإِعْتَاقِهِ (فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ) كَمَا لَوْ بَاشَرَ.

(وَإِذَا قَالَ) إنْسَانٌ لِآخَرَ (أَعْتِقْ عَبْدَك) أَوْ أَمَتَك (عَنِّي مَجَّانًا أَوْ) أَعْتِقْ رَقِيقَك عَنِّي وَ (عَلَيَّ ثَمَنُهُ أَوْ) قَالَ (أَعْتِقْهُ عَنِّي وَيُطْلِقُ) فَلَمْ يَقُلْ مَجَّانًا وَلَا عَلَيَّ ثَمَنُهُ (فَفَعَلَ) الْمَقُولُ لَهُ بِأَنْ أَعْتَقَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ (صَحَّ) ذَلِكَ (وَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْقَائِلِ) وَوَقَعَ الْمِلْكُ وَالْعِتْقُ مَعًا، كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَطْعِمْ عَنِّي أَوْ اُكْسُ عَنِّي (وَيُجْزِئُهُ) أَيْ يُجْزِئُ هَذَا الْعِتْقُ الْقَائِلَ (عَنْ الْعِتْقِ الْوَاجِبِ) عَلَيْهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ وَالْمُرَادُ إذَا نَوَاهُ (مَا لَمْ يَكُنْ) الْعِتْقُ (مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِلُ إذَا مَلَكَهُ، كَأَبِيهِ وَنَحْوِهِ يُجْزِئُهُ عَنْ وَاجِبٍ وَيَأْتِي فِي الْكَفَّارَةِ.

(وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْقَائِلَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي (ثَمَنُهُ) أَيْ الْعَتِيقِ (إلَّا بِالْتِزَامِهِ) بِأَنْ قَالَ: أَعْتِقْهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ وَصَحَّ كُلَّمَا أَعْتَقْت عَبْدًا مِنْ عَبِيدِك فَعَلَيَّ ثَمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْعَدَدَ وَالثَّمَنَ ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ فِي الْإِجَازَةِ.

(وَإِنْ قَالَ) إنْسَانٌ لِمَالِكِ رَقِيقٍ (أَعْتِقْهُ وَالثَّمَنُ عَلَيَّ) وَلَمْ يَقُلْ أَعْتِقْهُ عَنِّي (أَوْ) قَالَ (أَعْتِقْهُ عَنْك وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفَعَلَ صَحَّ) الْعِتْقُ.

(وَالثَّمَنُ عَلَيْهِ) لِالْتِزَامِهِ لَهُ فَقَدْ جَعَلَ لَهُ جُعْلًا عَلَى إعْتَاقِ عَبْدِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ بِالْعَمَلِ، كَمَا لَوْ قَالَ ابْنِ لِي هَذَا الْحَائِطَ بِدِينَارٍ (وَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعْتَاقِهِ عَنْهُ وَلَا قَصَدَ بِهِ الْعِتْقَ فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي صَرْفَهُ إلَيْهِ فَبَقِيَ الْمُعْتِقُ لِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» (وَيُجْزِيه) أَيْ يُجْزِي هَذَا الْعِتْقُ الْمُعْتِقَ (عَنْ الْوَاجِبِ) عَلَيْهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ.

(وَلَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ إجَابَةُ مَنْ قَالَ) لَهُ (أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي) أَوْ عَنْك (وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ) لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْهُ عَلَى كَذَا فَلَغْوٌ.

(وَإِنْ قَالَ كَافِرٌ لِشَخْصٍ) مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ (أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفَعَلَ) أَيْ فَأَعْتَقَهُ عَنْ الْكَافِرِ (صَحَّ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ زَمَنًا يَسِيرًا وَلَا يَتَسَلَّمُهُ، فَاغْتُفِرَ هَذَا الضَّرَرُ الْيَسِيرُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ الْحُرِّيَّةِ لِلْأَبَدِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا نَفْعٌ عَظِيمٌ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ بِهَا يَصِيرُ مُتَهَيِّئًا لِلطَّاعَاتِ وَكَمَالِ الْقُرُبَاتِ (وَعَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لَهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>