للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَرَهُ بِهِ (أَحَدُهُمَا قَالَ أَحْمَدُ أَمَرْتُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ) لِوُجُوبِ بِرِّ وَالِدَيْهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَاَلَّذِي يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَتَزَوَّجُ أَبَدًا إنْ أَمَرَهُ بِهِ أَبُوهُ تَزَوَّجَ.

(قَالَ الشَّيْخُ وَلَيْسَ لَهُمَا) أَيْ لِأَبَوَيْهِ (إلْزَامُهُ بِنِكَاحِ مَنْ لَا يُرِيدُ) نِكَاحَهَا لَهُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا (فَلَا يَكُونُ عَاقًّا) بِمُخَالَفَتِهِمَا فِي ذَلِكَ (كَأَكْلِ مَا لَا يُرِيدُ) أَكْلَهُ.

(وَيَجِبُ) النِّكَاحُ (بِالنَّذْرِ) مِنْ ذِي الشَّهْوَةِ لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» وَأَمَّا نَحْو الْعِنِّينِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ إذَا نَذَرَهَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي النَّذْرِ.

(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِمُسْلِمٍ دَخَلَ دَارَ كُفَّارٍ بِأَمَانٍ كَتَاجِرٍ (أَنْ يَتَزَوَّجَ) بِدَارِ حَرْبٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ (وَلَا يَتَسَرَّى) بِدَارِ حَرْبٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ (وَلَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ إنْ كَانَتْ مَعَهُ) وَلَا أَمَتَهُ وَلَا أَمَةً اشْتَرَاهَا مِنْهُمْ (بِدَارِ حَرْبٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ) وَلَوْ مُسْلِمَةً نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَعَلَى مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ لَهُ نِكَاحُ آيِسَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ فَإِنَّهُ عَلَّلَ وَقَالَ مِنْ أَجْلِ الْوَلَدِ لِئَلَّا يُسْتَعْبَدَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ قُلْتُ وَعَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَا يَنْكِحُ حَتَّى الصَّغِيرَةَ وَالْآيِسَةَ وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ لِمَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ أَبَا بَكْرٍ وَهُمْ تَحْتَ الرَّايَاتِ» رَوَاهُ سَعِيدٌ وَلِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَدُلُّهُمْ عَلَيْهِ أَشْبَهَ مَنْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.

وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي آخِرِ الْجِهَادِ وَأَمَّا لِلْأَسِيرِ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّزْوِيجُ مَادَامَ أَسِيرًا لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مَنْ وَطْءِ امْرَأَتِهِ إذَا أُسِرَتْ مَعَهُ مَعَ صِحَّةِ نِكَاحِهِمَا انْتَهَى فَظَاهِرُهُ: وَلَوْ لِضَرُورَةٍ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُنْتَهِي.

(وَيَصِحُّ النِّكَاحُ) بِدَارِ الْحَرْبِ (وَلَوْ فِي غَيْرِ الضَّرُورَةِ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ (وَيَجِبُ عَزْلُهُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ حُرِّمَ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ أَوْ جَازَ فَإِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الشَّهْوَةُ أُبِيحَ لَهُ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ وَلْيَعْزِلْ عَنْهَا.

وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ: حَيْثُ حُرِّمَ نِكَاحُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ وَفِعْلٍ وَجَبَ عَزْلُهُ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ عَزْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ قُلْتُ فَيُعَايَى بِهَا (وَلَا يَتَزَوَّجُ) بِدَارِ الْحَرْبِ (مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْكُفَّارِ بَلْ حَيْثُ احْتَاجَ يَتَزَوَّجُ الْمُسْلِمَةَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِسَلَامَةِ الْوَلَدِ مِنْهَا أَنْ يُسْتَعْبَدَ.

(وَيُسْتَحَبُّ) لِمَنْ أَرَادَ النِّكَاحَ أَنْ يَتَخَيَّرَ (نِكَاحَ دَيِّنَةٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَيُسْتَحَبُّ نِكَاحُ (وَلُودٍ) لِحَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>