للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَهِيَ) أَيْ الشُّرُوطُ فِي النِّكَاحِ (قِسْمَانِ) أَحَدهمَا (صَحِيحٌ وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ) بِأَنْ يَكُونَ هُوَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ (كَتَسْلِيمِ الزَّوْجَةِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الزَّوْجِ (وَتَمْكِينِهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا) وَتَسْلِيمِهَا الْمَهْرَ وَتَمْكِينِهَا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ (فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي ذَلِكَ.

(الثَّانِي شَرْطُ مَا تَنْتَفِعُ بِهِ الْمَرْأَةُ) مِمَّا لَا يُنَافِي الْعَقْدَ (كَزِيَادَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي مَهْرِهَا) أَوْ نَفَقَتِهَا الْوَاجِبَةِ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارَاتِ (أَوْ) اشْتِرَاطِ كَوْنِ مَهْرِهَا مِنْ (نَقْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ) .

تَشْتَرِطُ عَلَيْهِ (أَنْ لَا يَنْقُلَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا أَوْ أَنْ لَا يُسَافِرَ بِهَا أَوْ) أَنْ (لَا يُفَرِّق بَيْنهَا وَبَيْنَ أَبَوَيْهَا أَوْ) أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ (أَوْلَادِهَا أَوْ عَلَى أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ أَوْ) .

شَرَطَتْ أَنْ (لَا يَتَزَوَّج عَلَيْهَا وَلَا يَتَسَرَّى أَوْ شَرَطَ لَهَا طَلَاق ضَرَّتِهَا أَوْ) شَرَطَ لَهَا (بَيْعَ أَمَتِهِ فَهَذَا) النَّوْعُ (صَحِيحٌ لَازِمٌ لِلزَّوْجَةِ بِمَعْنَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا بِعَدَمِهِ) لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ " أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَشَرَطَ لَهَا دَارَهَا ثُمَّ أَرَادَ نَقْلَهَا فَخَاصَمُوهُ إلَى عُمَرَ فَقَالَ: لَهَا شَرْطُهَا فَقَالَ الرَّجُلُ: إذَنْ يُطَلِّقْنَنَا فَقَالَ عُمَرُ: مُقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ " وَلِأَنَّهُ شَرَطَ لَهَا مَنْفَعَةَ مَقْصُودَةً لَا تَمْنَعُ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ.

فَكَانَ لَازِمًا كَمَا لَوْ اشْتَرَطَتْ كَوْنَ الْمَهْرِ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» أَيْ لَيْسَ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ وَهَذَا مَشْرُوعٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ، وَعَلَى مَنْ نَفَى ذَلِكَ الدَّلِيلَ.

وَقَوْلُهُمْ: إنَّ هَذَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ لَيْسَ كَذَلِكَ.

وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمَرْأَةِ إذَا لَمْ يَفِ بِهِ خِيَارُ الْفَسْخِ وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَرْأَةِ وَمَا كَانَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَاقِدِ كَانَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ كَاشْتِرَاطِ الرَّهْنِ فِي الْبَيْعِ (وَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ) أَيْ بِالشَّرْطِ الصَّحِيحِ (بَلْ يُسَنُّ) الْوَفَاءُ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَأُجْبِرَ الزَّوْجُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُجْبِرْهُ عُمَرُ بَلْ قَالَ لَهَا شَرْطُهَا (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ لَمْ يَفِ الزَّوْجُ لَهَا بِشَرْطِهَا (فَلَهَا الْفَسْخُ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لَازِمٌ فِي عَقْدٍ فَثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ بِتَرْكِ الْوَفَاءِ بِهِ كَالرَّهْنِ وَالضَّمِينِ فِي الْبَيْعِ.

وَحَيْثُ قُلْنَا تَفْسَخُ فَبِفِعْلِهِ مَا شَرَطَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ (لَا بِعَزْمِهِ) عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْقَاضِي لِأَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الشَّيْءِ لَيْسَ كَفِعْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْفَسْخُ إذَنْ عَلَى (التَّرَاخِي) لِأَنَّهُ خِيَارٌ يَثْبُتُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي، تَحْصِيلًا لِمَقْصُودِهَا كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالْقِصَاصِ فَلَا (يُسْقِطُ) الْخِيَارَ (إلَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) مِنْهَا (مِنْ قَوْلٍ أَوْ تَمْكِينٍ مِنْهَا مَعَ الْعِلْمِ) بِفِعْلِهِ مَا شَرَطَتْ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ.

فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِعَدَمِ الْوَفَاءِ وَمَكَّنَتْهُ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>