للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

(وَإِنْ كَانَ) الْمَدْعُوُّ (صَائِمًا تَطَوُّعًا وَفِي تَرْكِهِ الْأَكْلَ كَسْرُ قَلْبِ الدَّاعِي اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ) لِأَنَّ فِي أَكْلِهِ إدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى قَلْبِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي دَعْوَةٍ مَعَهُ جَمَاعَةٌ فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ نَاحِيَةً فَقَالَ: إنِّي صَائِمٌ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ وَتَكَلَّفَ لَكُمْ كُلْ يَوْمًا ثُمَّ صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ إنْ شِئْتَ» (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ الْأَكْلَ كَسْرُ قَلْبِ الدَّاعِي (كَانَ تَمَامُ الصَّوْمِ أَوْلَى مِنْ الْفِطْرِ) هَذَا مَعْنَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ الْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ.

(قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ.

وَقَالَ: وَلَا يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الدَّعْوَةِ الْإِلْحَاحُ فِي الطَّعَامِ) أَيْ الْأَكْلِ (لِلْمَدْعُوِّ إذَا امْتَنَعَ) مِنْ الْفِطْرِ فِي التَّطَوُّعِ أَوْ الْأَكْلِ إنْ كَانَ مُفْطِرًا (فَإِنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ وَإِذَا أَلْزَمَهُ بِمَا لَا يَلْزَمُهُ كَانَ مِنْ نَوْعِ الْمَسْأَلَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَلَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ) إنْ كَانَ صَائِمًا لِيُفْطِرَ (وَلَا) يَحْلِفُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا (لِيَأْكُلَ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمَدْعُوِّ إذَا رَأَى أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى امْتِنَاعِهِ) مِنْ الْأَكْلِ أَوْ الْفِطْرِ فِي النَّفْلِ (مَفَاسِدُ أَنْ يَمْتَنِعَ فَإِنَّ فِطْرَهُ جَائِزٌ انْتَهَى) .

(وَيَحْرُمُ أَخْذُ طَعَامٍ) مِنْ الْوَلِيمَةِ أَوْ غَيْرِهَا (بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهِ (فَإِنْ عَلِمَ) الْآخِذُ (بِقَرِينَةِ رِضَاهُ) أَيْ رَبُّ الطَّعَامِ (فَفِي التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّه يُبَاحُ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ مَعَ ظَنِّهِ رِضَاهُ (فَمَعَ الظَّنِّ) رِضَاهُ (أَوْلَى) لِأَنَّ الظَّنَّ دُونَ الْعِلْمِ وَيَأْتِي حُكْمُ الْآكِلِ بِلَا إذْنٍ.

(وَإِنْ دَعَاهُ اثْنَانِ إلَى وَلِيمَتَيْنِ أَجَابَ أَسْبَقَهُمَا بِالْقَوْلِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَأَجِبْ الَّذِي سَبَقَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَدْيَنَهُمَا) لِأَنَّ كَثْرَةَ الدِّينِ لَهَا أَثَرٌ فِي التَّقْدِيمِ كَالْإِمَامَةِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ (أَقْرَبَهُمَا رَحِمًا) لِمَا فِي تَقْدِيمِهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فَأَقْرَبُهُمَا (جِوَارًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا فَإِنَّ أَقَرَبَهُمَا بَابًا أَقْرَبُهُمَا جِوَارًا» (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا (يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا (وَلَا يُجِيبُ الثَّانِي حَيْثُ) سَبَقَ الْأَوَّلُ (إلَّا أَنْ يَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِإِجَابَتِهِمَا فَإِنْ اتَّسَعَ) الْوَقْتُ (لَهُمَا وَجَبَا) أَيْ وَجَبَتْ إجَابَتُهُمَا لِلْأَخْبَارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>