للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ لِكَوْنِهِ قَدْ شَاءَ ذَلِكَ أَوْ رَضِيَهُ وَكَقَوْلِهِ: هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ أَوْ لِرِضَا اللَّهِ، وَكَذَا الدُّخُولُ إلَى الدَّارِ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الشَّرْطَ دِينَ) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ (وَقُبِلَ حُكْمًا) لِأَنَّ ذَلِكَ يُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ وَطَلُقَتْ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ فَكَانَ مُتَرَاخِيًا ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا يَنْقَطِعُ بِالْأَوَّلِ.

وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (إنْ كَانَ أَبُوك يَرْضَى بِمَا فَعَلْته فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ مَا رَضِيتُ) بِهِ (ثُمَّ قَالَ رَضِيتُ) بِهِ (طَلُقَتْ) أَيْضًا لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى رِضًا مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ وُجِدَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ (إنْ كَانَ أَبُوك رَاضِيًا) بِمَا فَعَلْتِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ مَا رَضِيتُ فَلَا تَطْلُقُ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ (مَاضٍ) وَهُوَ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ مُسْتَقْبَلٌ فَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ.

(وَإِنْ قَالَ إنْ كُنْت تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَكِ اللَّهُ بِالنَّارِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ قَالَ إنْ كُنْت تُحِبِّينَهُ) أَيْ أَنْ يُعَذِّبَكِ اللَّهُ بِالنَّارِ (بِقَلْبِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَنَا أُحِبُّهُ لَمْ تَطْلُقْ إنْ قَالَ كَذَبَتْ) لِاسْتِحَالَتِهِ فِي الْعَادَةِ، كَقَوْلِهِ إنْ كُنْتِ تَعْتَقِدِينَ أَنَّ الْجَمَلَ يَدْخُلُ فِي خُرْم الْإِبْرَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَنَا أَعْتَقِدُهُ فَإِنَّ عَاقِلًا لَا يُجَوِّزهُ فَضْلًا عَنْ اعْتِقَادِهِ (وَكَذَا) لَوْ قَالَ (إنْ كُنْتِ تَبْغُضِينَ الْجَنَّةَ أَوْ الْحَيَاةَ وَنَحْوَهُ) فَقَالَتْ أَبْغُضُ ذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ إنْ قَالَتْ كَذَبَتْ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ كَذَبَتْ فَقَالَ الْقَاضِي تَطْلُقْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.

وَفِي الْفُنُونِ هُوَ مَذْهَبُنَا لِأَنَّ مَا فِي الْقَلْبِ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ اللَّفْظِ فَاقْتَضَى تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِلَفْظِهَا بِهِ صَادِقَةً أَوْ كَاذِبَةً كَالْمَشِيئَةِ.

وَقَالَ فِي، الْمُقْنِعِ الْأَوْلَى أَنْ لَا تَطْلُقَ إذَا كَانَتْ كَاذِبَةً وَقَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ فِي الْقَلْبِ وَلَا يُوجَدُ مِنْ أَحَدٍ مَحَبَّةُ ذَلِكَ وَخَبَرُهَا بِالْمَحَبَّةِ كَاذِبٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ.

(وَإِنْ قَالَ إنْ كُنْت تُحِبِّينَ) زَيْدًا (أَوْ) إنْ كُنْتِ (تَبْغُضِينَ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ طَلُقَتْ وَإِنْ كَذَبَتْ) لِمَا تَقَدَّمَ فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَحْبَبْتِ أَوْ إنْ أَرَدْتِ أَوْ إنْ كَرِهْتِ احْتَمَلَ أَنْ يَتَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِلِسَانِهَا كَالْمَشِيئَةِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِمَا فِي الْقَلْبِ مِنْ ذَلِكَ وَيَكُونُ اللِّسَانُ دَلِيلًا عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِوُجُودِهِ طَلُقَتْ وَلَوْ أَخْبَرَتْ بِهِ ثُمَّ قَالَتْ كُنْتُ كَاذِبَةً لَمْ تَطْلُقْ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ (وَتَعْلِيقُ عِتْقٍ كَطَلَاقٍ فِيمَا تَقَدَّمَ) مِنْ مَسَائِلِ التَّعْلِيقِ.

(وَيَصِحُّ) تَعْلِيقُ الْعِتْقِ (بِالْمَوْتِ) وَهُوَ التَّدْبِيرُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ.

(وَلَوْ قَالَتْ) امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا (أُرِيدُ أَنْ تُطَلِّقَنِي فَقَالَ إنْ كُنْتِ تُرِيدِينَ) أَنْ أُطَلِّقَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَ) قَالَ لَهَا (إذَا أَرَدْتِ أَنْ أُطَلِّقَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَظَاهِرُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَطْلُقُ بِإِرَادَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وَدَلَالَةُ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إيقَاعَهُ لِلْإِرَادَةِ الَّتِي أَخْبَرَتْهُ بِهَا قَالَهُ فِي الْفُنُونِ وَنَصَّ الثَّانِي فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>