للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ كَالدَّيْنِ إذَا وَفَّاهَا إيَّاهُ ثُمَّ ضَاعَ مِنْهَا لَكِنْ لَوْ بَلِيَتْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَبْلَى فِيهِ مِثْلُهَا لَزِمَهُ بَدَلهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ كُسْوَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ تَبْلَى فِيهِ عَادَةً وَإِنَّمَا بَلِيَتْ قَبْلَهُ لِكَثْرَةِ خُرُوجِهَا وَدُخُولِهَا فَلَا أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَتْهَا وَإِنْ مَضَى زَمَنٌ يَبْلَى فِيهِ مِثْلُهَا بِالِاسْتِعْمَالِ وَلَمْ تَبْلَ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ لِلْكُسْوَةِ وَالثَّانِي: بَلَى لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ دُونَ حَقِيقَةِ الْحَاجَةِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ.

(وَإِذَا انْقَضَتْ السَّنَةُ وَهِيَ) أَيْ الْكُسْوَةُ (صَحِيحَةٌ فَعَلَيْهِ كُسْوَةُ السَّنَةِ الْأُخْرَى) لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ دُونَ بَقَائِهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ تَلِفَتْ (وَإِنْ مَاتَ) الزَّوْجُ قَبْلَ مُضِيَّ السَّنَةِ (أَوْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ) رَجَعَ بِقِسْطِهِ (أَوْ تَسَلَّفَتْ) أَيْ تَعَجَّلَتْ (النَّفَقَةَ أَوْ الْكُسْوَةَ فَحَصَلَ ذَلِكَ) أَيْ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ (قَبْلَ مُضِيِّهَا) أَيْ مُضِّي الْمُدَّةِ الَّتِي تَسَلَّفَتْ نَفَقَتَهَا أَوْ كِسْوَتَهَا (رَجَعَ بِقِسْطِهِ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ.

(لَكِنْ لَا يَرْجِعُ) مَنْ عَجَّلَ نَفَقَةً ثُمَّ سَقَطَتْ (بِبَقِيَّةِ يُومِ الْفُرْقَةِ إلَّا عَلَى نَاشِزٍ) لِأَنَّ عَلَيْهَا أَنْ لَا تُعْطِيَهُ شَيْئًا بِأَنْ تَرْجِعَ إلَى الطَّاعَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ أَعَادَهَا أَيْ غَيْرُ نَاشِزٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَةٌ ثَانِيًا.

(وَإِذْ قَبَضَتْ) الزَّوْجَةُ (النَّفَقَةَ) أَوْ الْكُسْوَةَ (فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِهَا وَلَا يَنْهَكُ) بِفَتْحِ الْهَاء أَيْ يُجْهِدُ (بَدَنُهَا) لِأَنَّهَا مَلَكَتْهَا بِالْقَبْضِ (فَيَجُوزُ لَهَا بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا وَالصَّدَقَةُ بِهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ عَادَ) التَّصَرُّفُ (عَلَيْهَا بِضَرَرٍ فِي بَدَنِهَا أَوْ نَقْصٍ فِي اسْتِمْتَاعِهَا لَمْ تَمْلِكْهُ) لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ حَقَّهُ بِذَلِكَ (فَإِذْ دَفَعَ إلَيْهَا الْكُسْوَةَ فَأَرَادَتْ بَيْعَهَا أَوْ الصَّدَقَةَ بِهَا وَكَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِهَا أَوْ يُخِلُّ بِتَحَمُّلِهَا بِهَا أَوْ) يُخِلُّ (بِسُتْرَتِهَا لَمْ تَمْلِكْ ذَلِكَ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ الزَّوْجِ أَوْ حَقِّ اللَّهِ.

(وَلَوْ أَهْدَى لَهَا كُسْوَةً لَمْ تَسْقُطْ كُسْوَتُهَا) كَمَا لَوْ أَهْدَى الْمَدِينُ الرَّبَّ شَيْئًا لَمْ يَسْقُطْ دَيْنُهُ بِهِ (وَلَوْ أَهْدَى لَهَا طَعَامًا فَأَكَلَتْهُ وَبَقِيَ قُوتُهَا إلَى الْغَدِ لَمْ يَسْقُطْ قُوتُهَا فِيهِ) أَيْ فِي الْغَدِ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ لَا بِحَقِيقَةِ الْحَاجَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِأَنَّهَا امْتِنَاعٌ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ.

(وَإِنْ غَابَ) الزَّوْجُ (مُدَّةً وَلَمْ يُنْفِقْ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ مَا مَضَى سَوَاءٌ تَرَكَهَا) أَيْ النَّفَقَةَ (لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَضَهَا حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يَفْرِضْهَا) حَاكِمٌ لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُمْ بِأَنْ يُنْفِقُوا أَوْ يُطَلِّقُوا فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا مَضَى " وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ هُوَ ثَابِتٌ عَنْ عُمَرَ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْعِوَضِ فَرَجَعْت بِهِ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>