للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ أَدْنَاكَ وَمَوْلَاكَ الَّذِي يَلِي ذَاكَ حَقًّا وَاجِبًا وَرَحِمًا مَوْصُولًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (فَإِنْ مَاتَ مَوْلَاهُ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَارِثِ مِنْ عَصَبَاتِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي) بَابِ (الْوَلَاءِ) لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ النَّفَقَةَ تَتْبَعُ الْإِرْثَ.

(وَيَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَوْلَى (نَفَقَةُ أَوْلَادِ مُعْتِقِهِ إذَا كَانَ أَبُوهُمْ عَبْدًا) لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَيُقَدِّرَهَا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهَا أَحَقُّ بِحَضَانَتِهِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ مُبَاشَرَةُ الْخِدْمَةِ بِنَفْسِهَا بَلْ تَخْدُمُهُ خَادِمُهَا وَنَحْوُهَا عِنْدَهَا.

وَ (لَا) يَمْنَعُ الْأَبُ أُمَّ الرَّضِيعِ (مِنْ رَضَاعِهِ إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلِهَا وَوَجَدَ) الْأَبُ (مَنْ يَتَبَرَّعُ) لَهُ (بِرَضَاعِهِ فَهِيَ) أَيْ الْأُمُّ (أَحَقُّ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حِبَالِ الزَّوْجِ أَوْ مُطَلَّقَةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] الْآيَةَ وَهُوَ خَبَرٌ يُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ وَالِدَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَلِأَنَّهَا أَشْفَقُ وَأَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ وَلَبَنُهَا أَمْرَأُ.

(فَإِنْ طَلَبَتْ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَلَوْ بِيَسِيرٍ لَمْ تَكُنْ أَحَقَّ بِهِ) مَعَ مَنْ يَتَبَرَّعُ بِهِ أَوْ يَرْفَعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦] (إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ إلَّا بِمِثْلِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ) فَتَكُونُ الْأُمُّ أَحَقَّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لِشَفَقَتِهَا (وَلَوْ كَانَتْ) أُمُّ الرَّضِيعِ (زَوْجَ آخَرَ وَطَلَبَتْ رَضَاعَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَوُجِدَ مَنْ يَتَبَرَّعُ بِرَضَاعِهِ فَأُمُّهُ أَحَقُّ إذَا رَضِيَ الزَّوْجُ الثَّانِي) بِذَلِكَ لِلْآيَةِ وَقَدْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ فَأَشْبَهَتْ غَيْرَ الْمُزَوَّجَةِ (وَإِذَا أَرْضَعَتْ الزَّوْجَةُ وَلَدَهَا وَهِيَ فِي حِبَالِ وَالِدِهِ فَاحْتَاجَتْ إلَى زِيَادَةِ نَفَقَةٍ لَزِمَهُ) ذَلِكَ إذْ كِفَايَتُهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ الزَّوْجَةِ وَلِرَضَاعِ وَلَدِهِ.

(وَلِلسَّيِّدِ إجْبَارُ أُمِّ وَلَدِهِ عَلَى رَضَاعِهِ) أَيْ وَلَدِهَا (مَجَّانًا) لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَمَنَافِعُهَا لَهُ كَالْقِنِّ (فَإِنْ عَتَقَتْ عَلَى السَّيِّدِ) بِإِعْتَاقٍ أَوْ تَعْلِيقٍ (فَحُكْمُ رَضَاعِ وَلَدِهَا مِنْهُ حُكْمُ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ) لِأَنَّهَا مَلَكَتْ أَمْرَ نَفْسِهَا بِالْعِتْقِ فَلَهَا طَلَبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالِامْتِنَاعُ مِنْ رَضَاعِهِ.

(وَإِنْ امْتَنَعَتْ الْأُمُّ) الْحُرَّةُ (مِنْ إرْضَاعِ وَلَدِهَا لَمْ تُجْبَرْ) وَلَوْ كَانَتْ فِي حِبَالِ الزَّوْجِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦] وَإِذَا اخْتَلَفَا فَقَدْ تَعَاسَرَا وقَوْله تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ الْإِنْفَاقِ وَعَدَمِ التَّعَاسُرِ (إلَّا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>