للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشَ الْأَرْضِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ مَالِكَ الْبَهِيمَةِ (الْقِيَامُ بِهَا وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا وَإِقَامَةُ مَنْ يَرْعَاهَا أَوْ نَحْوُهُ) ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ تَعْذِيبٌ لَهَا.

(وَيَحْرُمُ أَنْ يُحَمِّلَهَا مَا لَا تُطِيقُ) حَمْلَهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مَنَعَ تَكْلِيفَ الْعَبْدِ مَا لَا يُطِيقُ، وَالْبَهِيمَةُ فِي مَعْنَاهُ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لِلْحَيَوَانِ الَّذِي لَهُ حُرْمَةٌ فِي نَفْسِهِ وَإِضْرَارًا بِهِ.

(وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يَحْلُبَ مِنْ لَبَنِهَا مَا يَضُرُّ بِوَلَدِهَا) لِأَنَّ كِفَايَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَى مَالِكِهِ، أَشْبَهَ وَلَدَ الْأَمَةِ، (وَيُسَنُّ لِلْحَالِبِ أَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ لِئَلَّا يَجْرَحَ الضَّرْعَ، وَجِيفَتُهَا لَهُ) أَيْ الْمَالِكِ (وَنَقْلُهَا عَلَيْهِ) قَالَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ (فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَنْقُلَهَا إلَى مَكَان يَدْفَعُ فِيهِ ضَرَرَهَا عَنْ النَّاسِ) لِأَنَّ نَقْلَهَا كَانَ لَهُ فَغُرْمُهَا عَلَيْهِ.

(وَيَحْرُمُ وَسْمٌ فِي الْوَجْهِ) وَضَرْبٌ فِي الْوَجْهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ مَنْ وَسَمَ أَوْ ضَرَبَ الْوَجْهَ وَنَهَى عَنْهُ (إلَّا لِمُدَاوَاةٍ) لِلْحَاجَةِ (وَ) يَحْرُمُ ضَرْبُ الْوَجْهِ (فِي الْآدَمِيِّ أَشَدُّ) لِأَنَّهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً، وَيَجُوزُ وَسْمُ الْبَهِيمَةِ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ.

(وَيُكْرَهُ خَصْيُ غَيْرِ غَنَمٍ وَدُيُوكٍ) وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى وَيُكْرَهُ خِصَاءٌ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَكَرِهَ أَحْمَدُ خِصَاءَ غَنَمٍ وَغَيْرِهَا إلَّا خَوْفَ غَضَاضَةٍ، وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُخْصَى شَيْءٌ.

(وَيَحْرُمُ) الْخِصَاءُ (فِي الْآدَمِيِّينَ لِغَيْرِ قِصَاصٍ وَلَوْ) رَقِيقًا وَتَقَدَّمَ.

(وَيُكْرَهُ تَعْلِيقُ جَرَسٍ وَوَتَرٍ وَجَزِّ مَعْرَفَةٍ وَنَاصِيَةٍ وَذَنَبٍ) لِلْخَبَرِ.

(وَيَحْرُمُ لَعْنُ الدَّابَّةِ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ عِمْرَانَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ فِي سَفَرٍ فَلَعَنَتْ امْرَأَةٌ نَاقَةً فَقَالَ: خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا مَكَانَهَا مَلْعُونَةً، فَكَأَنِّي أَرَاهَا الْآنَ تَمْشِي فِي النَّاسِ مَا تَعَرَّضَ لَهَا أَحَدٌ» وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ «لَا تُصَاحِبْنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ» قَالَ الْإِمَامُ (أَحْمَدُ: قَالَ الصَّالِحُونَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ شَهَادَةُ لَاعِنِ الدَّابَّةِ.

(وَإِنْ امْتَنَعَ) مَالِكُ الْبَهِيمَةِ (مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ) لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ (فَإِنْ أَبَى) الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا (أَوْ عَجَزَ) عَنْهُ (أُجْبِرَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ ذَبْحِ مَأْكُولٍ) لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِي يَدِهِ بِتَرْكِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا ظُلْمٌ، وَالظُّلْمُ تَجِبُ إزَالَتُهُ (فَإِنْ أَبَى) فِعْلَ أَخْذِهَا (فَعَلَ الْحَاكِمُ الْأَصْلَحَ) مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ (أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ.

(وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي غَيْرِ مَا خُلِقَتْ لَهُ كَ) الِانْتِفَاعِ بِبَقَرٍ (لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ وَإِبِلٍ وَحُمُرٍ لِحَرْثٍ وَنَحْوِهِ) لِأَنَّ مُقْتَضَى الْمِلْكِ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِيمَا يُمْكِنُ، وَهَذَا مُمْكِنٌ كَاَلَّذِي خُلِقَ لَهُ وَجَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ النَّاسِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَكْلُ الْخَيْلِ وَاسْتِعْمَالُ اللُّؤْلُؤِ فِي الْأَدْوِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا ذَلِكَ وَقَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>