للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ مَاعِزًا أَقَرَّ عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَالْغَامِدِيَّةُ أَقَرَّتْ عِنْدَهُ بِذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ «أَتَى رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: إنِّي زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَلْ أُحْصِنْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَهُوَ مُكَلَّفٌ) حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ أَوْ لَا (مُخْتَارًا) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْعَفْوِ لِلْمُكْرَهِ.

(وَيُصَرِّحُ بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ) لِتَزُولَ التُّهْمَةُ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَاعِزٍ «لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ غَمَزْتَ؟ قَالَ: لَا: قَالَ: أَفَنِكْتَهَا لَا يُكَنِّي؟ قَالَ: نَعَمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَلَا يَنْزِعُ) أَيْ يَرْجِعُ (عَنْ إقْرَارِهِ حَتَّى يَتِمَّ الْحَدُّ) فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ هَرَبَ كُفَّ عَنْهُ لِقِصَّةِ مَاعِزٍ وَتَقَدَّمَ (فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ) أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (فَكَذَّبَتْهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) مُؤَاخَذَةً بِإِقْرَارِهِ (دُونَهَا كَمَا لَوْ سَكَتَتْ أَوْ لَمْ تُسْأَلْ) عَنْ ذَلِكَ (وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَلَا مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِنَوْمٍ أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ) أَوْ إغْمَاءٍ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (وَيُحَدُّ الْأَخْرَسُ إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ) وَأَقَرَّ بِهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَإِنْ لَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ إقْرَارٌ.

(وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ امْرَأَةٍ وَادَّعَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ الزَّوْجِيَّةَ وَلَمْ تُقِرَّ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِلشُّبْهَةِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ (وَلَا مَهْرَ لَهَا) لِأَنَّهَا لَا تَدَّعِيهِ وَلَمْ تُقِرَّ بِالْوَطْءِ (وَإِنْ اعْتَرَفَتْ بِوَطْئِهِ وَأَنَّهُ زَنَى بِهَا مُطَاوِعَةً فَلَا مَهْرَ) لِاعْتِرَافِهَا بِأَنَّهَا زَانِيَةٌ مُطَاوِعَةٌ (وَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَمَّا الْوَاطِئُ فَلِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْمَوْطُوءَةُ فَلِأَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِالْإِقْرَارِ مَرَّةً (إلَّا أَنْ تُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) فَتُحَدَّ مُؤَاخَذَةً لَهَا بِإِقْرَارِهَا (وَإِنْ أَقَرَّتْ) الْمَوْطُوءَةُ (أَنَّهُ أَكْرَههَا عَلَيْهِ) أَيْ الْوَطْءِ (أَوْ) أَنَّهُ (اشْتَبَهَ عَلَيْهَا فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ) مَا نَالَ مِنْ فَرْجهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا (وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ الزَّانِي (أَرْبَعًا بِالزِّنَا ثَبَتَ الزِّنَا) لِوُجُودِ الْإِقْرَارِ بِهِ أَرْبَعًا.

(وَلَا يَثْبُتُ) الْإِقْرَارُ بِالزِّنَا (بِدُونِ أَرْبَعَةٍ) يَشْهَدُونَ بِهِ مِنْ الرِّجَالِ (فَإِنْ أَنْكَرَ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ (أَوْ صَدَّقَهُمْ دُونَ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ إنْكَارَهُ وَتَصْدِيقَهُ دُونَ أَرْبَعٍ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارِهِ وَهُوَ مَقْبُولٌ مِنْهُ (وَلَا) حَدَّ (عَلَى الشُّهُودِ) لِأَنَّهُمْ نِصَابٌ كَامِلٌ (وَلَوْ تَمَّتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ) بِالزِّنَا (وَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ إقْرَارًا تَامًّا) أَيْ أَرْبَعًا (ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْحَدُّ) لِثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ التَّامَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>