للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْلَةُ الضَّيْفِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ مَحْرُومًا كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اقْتَضَاهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» رَوَاهُ سَعِيدٌ وَأَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ.

وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد: «فَإِنْ لَمْ يُقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ» وَفِي حَدِيثِ عُقْبَةَ: «فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَلَهُمْ حَقُّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَ (لَا) تَجِبُ الضِّيَافَةُ فِي (الْأَمْصَارِ) لِأَنَّهُ يَكُونُ فِيهَا السُّوقُ وَالْمَسَاجِدُ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى الضِّيَافَةِ بِخِلَافِ الْقُرَى فَإِنَّهُ يَبْعُدُ فِيهَا الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فَوَجَبَتْ ضِيَافَةُ الْمُجْتَازِ إذَا نَزَلَ بِهَا وَإِيوَاؤُهُ لِوُجُوبِ حِفْظِ النَّاسِ (مَجَّانًا) فَلَا يَلْزَمُ الضَّيْفَ عِوَضُ الضِّيَافَةِ (يَوْمًا وَلَيْلَةً) لِمَا رَوَى أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ مَرْفُوعًا قَالَ: «الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَالضِّيَافَةُ (قَدْرُ كِفَايَتِهِ مَعَ أُدُمٍ وَفِي الْوَاضِحِ لِفَرَسِهِ تِبْنٌ لَا شَعِيرٌ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهُ كَأُدُمِهِ وَأَوْجَبَ شَيْخُنَا الْمَعْرُوفَ عَادَةً قَالَ كَزَوْجَةٍ وَقَرِيبٍ وَرَقِيقٍ.

(وَلَا تَجِبُ) الضِّيَافَةُ (لِلذِّمِّيِّ إذَا اجْتَازَ بِالْمُسْلِمِ) لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِي الْمُسْلِمَ فِي وُجُوبِ الْإِكْرَامِ.

(فَإِنْ أَبَى) الْمَنْزُولُ بِهِ ضِيَافَةَ الْمُسْلِمِ (فَلِلضَّيْفِ طَلَبُهُ بِهِ) أَيْ بِنَحْوِ ضِيَافَتِهِ (عِنْد حَاكِمٍ) لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ كَالزَّوْجَةِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَى الضَّيْفِ أَنْ يُحَاكِمَهُ (جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ ضِيَافَتِهِ) الْوَاجِبَةِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَتُسَنُّ ضِيَافَتُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِحَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ (وَالْمُرَادُ يَوْمَانِ مَعَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَهُوَ صَدَقَةٌ) لِحَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ يَرْفَعُهُ قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ قَالُوا وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ، يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُؤْثِمَهُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْف يُؤْثِمُهُ؟ قَالَ: يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ يَقْرِيهِ بِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إنْزَالُهُ) أَيْ الضَّيْفُ (فِي بَيْتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ (إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ) الضَّيْفُ (مَسْجِدًا أَوْ رِبَاطًا وَنَحْوَهُمَا يَبِيتُ فِيهِ وَلَا يَخَافُ مِنْهُ) ضَرَرًا فَيَلْزَمُهُ إنْزَالُهُ فِي بَيْتِهِ لِلضَّرُورَةِ (وَمَنْ قَدَّمَ لِضِيفَانِهِ طَعَامًا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ قَسْمُهُ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ) لَا تَمْلِيكٌ.

(وَيَجُوزُ لِلضَّيْفِ الشُّرْبُ مِنْ كُوزِ صَاحِبِ الْبَيْتِ وَالِاتِّكَاءُ عَلَى وِسَادَةٍ) مَوْضُوعَةٍ لِذَلِكَ (وَقَضَاءُ حَاجَةٍ فِي مِرْحَاضِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ بِاللَّفْظِ) لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا (كَطَرْقِ بَابِهِ عَلَيْهِ وَطَرْقِ حَلْقَتِهِ) أَيْ الْبَابِ.

(قَالَ الشَّيْخُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الطَّيِّبَاتِ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَمَذْمُومٌ مُبْتَدِعٌ وَمَا نُقِلَ عَنْ) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ الْبِطِّيخِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِكَيْفِيَّةِ أَكْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ كَذِبٌ) ذَكَرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>