للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذْنِ زَيْدٍ (وَإِنْ قَالَ) زَيْدٌ (قَدْ شِئْتُ أَنْ تَشْرَبَ أَوْ) قَالَ زَيْدٌ (مَا شِئْتُ أَنْ لَا تَشْرَبَ لَمْ تَنْحَلَّ) يَمِينُهُ فَيَحْنَثُ إنْ شَرِبَ لِأَنَّهُ شَرِبَ بِإِذْنِ زَيْدٍ (فَإِنْ خَفِيَتْ مَشِيئَتُهُ لَزِمَهُ الشُّرْبُ) لِأَنَّ الْأَصْلِ عَدَمُهَا وَمَعْنَى لُزُومِهِ لَهُ أَنَّهُ إنْ فَعَلَهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ فَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ تَرَكَهُ كَفَّرَ.

(وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا أَشْرَبُ الْيَوْمَ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَقَالَ زَيْدٌ: قَدْ شِئْتُ أَنْ لَا تَشْرَبَ فَشَرِبَ حَنِثَ) لِمُخَالَفَتِهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (وَإِنْ شَرِبَ) الْحَالِفُ قَبْل مَشِيئَتِهِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِعَدَمِ انْعِقَادِ يَمِينِهِ (قَبْلَ مَشِيئَةِ) زَيْدٍ لِكَوْنِهَا مُعَلَّقَةً عَلَيْهَا وَالْمُعَلَّقُ عَلَى شَيْءٍ لَا يُوجَدُ قَبْلَهُ (وَإِنْ خَفِيَتْ مَشِيئَتُهُ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْمَعْدُومِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (وَالْمَشِيئَةُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ) وَشِبْهِهَا (أَيْ يَقُولُ بِلِسَانِهِ قَدْ شِئْتُ) وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْمَشِيئَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَتَى قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ شَاءَ وَلَوْ كَانَ كَارِهًا كَمَا سَبَقَ فِي الطَّلَاقِ.

(وَإِذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا وَنَوَى وَقْتًا بِعَيْنِهِ) كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ (تَقَيَّدَ بِهِ) لِأَنَّ النِّيَّةَ تَصْرِفُ ظَاهِرَ اللَّفْظِ إلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ فَلَا تَصْرِفُهُ إلَى وَقْتٍ آخَرَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) وَقْتًا بِعَيْنِهِ (لَمْ يَحْنَثْ) الْحَالِفُ (حَتَّى يَيْأَس مِنْ فِعْلِهِ إمَّا بِتَلَفِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ مَوْتِ الْحَالِفِ وَنَحْوِهِ) لِقَوْلِ عُمَرَ «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَمْ تُخْبِرْنَا أَنَّا سَنَأْتِي فِي الْبَيْتِ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ؟ قَالَ لَا فَإِنَّكَ آتِيهِ وَتَطُوفُ بِهِ» وَلِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَى فِعْلِهِ لَمْ يَتَوَقَّتُ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَفِعْلُهُ مُمْكِنٌ، فَلَمْ تَحْصُلْ مُخَالَفَةُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يُوجِبُ عَدَمَ الْحِنْثِ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ يَحْنَثْ قَبْلَ الْيَأْسِ مِنْ فِعْلِهِ) هَذَا تَكْرَار.

(وَإِذَا حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا سُنَّ لَهُ الْحِنْثُ وَالتَّكْفِيرُ) لِأَخْبَارٍ مِنْهَا خَبَرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ وَأَبِي مُوسَى مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَسَبَقَ تَقْسِيمُهُ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ.

(وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ الْحَلِفِ، فَإِنْ أَفْرَطَ كُرِهَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ} [القلم: ١٠] وَهَذَا ذَمٌّ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ الْكَذِبِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي الْحَلِفِ مَعَ عَدَمِ الْإِفْرَاطِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَفَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ.

(وَإِنْ دُعِيَ إلَى الْحَلِفِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَهُوَ مُحِقٌّ اُسْتُحِبَّ لَهُ ابْتِدَاءُ يَمِينِهِ) لِمَا رُوِيَ " أَنَّ عُثْمَانَ وَالْمِقْدَادَ تَحَاكَمَا إلَى عُمَرَ فِي مَالٍ اسْتَقْرَضَهُ الْمِقْدَادُ فَجَعَلَ عُمَرُ الْيَمِينَ عَلَى الْمِقْدَادِ، فَرَدَّهَا عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ عُمَرُ لَقَدْ أَنْصَفَك فَأَخَذَ عُثْمَانُ مَا أَعْطَاهُ الْمِقْدَادُ وَلَمْ يَحْلِفْ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: خِفْتُ أَنْ تُوَافِقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>