للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثُمَّ عَلِمَ خَطَأَ الْقِبْلَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ، لَمْ يُعِدْ) لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ، مَعَ عَدَمِ تَفْرِيطِهِ، فَسَقَطَ عَنْهُ وَلِأَنَّ خَفَاءَ الْقِبْلَةِ فِي الْأَسْفَارِ يَقَعُ كَثِيرًا لِوُجُودِ الْغُيُومِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَوَانِعِ فَإِيجَابُ الْإِعَادَةِ مَعَ ذَلِكَ فِيهِ حَرَجٌ وَهُوَ مُنْتَفٍ شَرْعًا.

(وَلَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ) بَعْدَ أَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ جِهَةَ الْقِبْلَةِ وَأَحْرَمَ (ثُمَّ شَكَّ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى ذَلِكَ الشَّكِّ لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِي غَلَبَةَ الظَّنِّ الَّتِي دَخَلَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ (وَيَبْنِي) عَلَى صَلَاتِهِ.

(وَكَذَا إنْ زَادَ ظَنُّهُ) الْخَطَأُ (وَلَمْ يَبِنْ لَهُ الْخَطَأُ وَلَا ظَهَرَ لَهُ جِهَةٌ أُخْرَى) فَلَا يَلْتَفِتْ إلَيْهِ وَيَبْنِي.

(وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خَطَأُ الْجِهَةِ الَّتِي يُصَلِّي إلَيْهَا) بِأَنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ يُصَلِّي إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ (وَلَمْ يَظُنَّ جِهَةً غَيْرَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِدَامَتُهَا إلَى الْقِبْلَةِ وَلَيْسَتْ لَهُ جِهَةٌ يَتَوَجَّهُ إلَيْهَا، فَبَطَلَتْ لِتَعَذُّرِ إتْمَامِهَا.

(وَلَوْ أُخْبِرَ) مَنْ يُصَلِّي بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ (وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِالْخَطَأِ) فِي الْقِبْلَةِ (يَقِينًا) وَكَانَ الْمُخْبِرُ ثِقَةً (لَزِمَهُ قَبُولُهُ) بِأَنْ يَعْمَلَ بِهِ وَيَتْرُكَ الِاجْتِهَادَ أَوْ التَّقْلِيدَ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ قَبْلَ اجْتِهَادِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِخْبَارُ عَنْ يَقِينٍ (لَمْ يَجُزْ) لِلْمُجْتَهِدِ قَبُولُ خَبَرِهِ وَلَا الْعَمَلُ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدٌ مُجْتَهِدًا خَالَفَهُ.

(وَإِنْ أَرَادَ) مُجْتَهِدٌ (صَلَاةً أُخْرَى) غَيْرَ الَّتِي صَلَّاهَا بِالِاجْتِهَادِ (اجْتَهَدَ لَهَا وُجُوبًا) فَيَجِبُ الِاجْتِهَادُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ مُتَجَدِّدَةٌ فَتَسْتَدْعِي طَلَبًا جَدِيدًا، كَطَلَبِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ، وَكَالْحَادِثَةِ فِي الْأَصَحِّ فِيهَا لِمُفْتٍ وَمُسْتَفْتٍ قُلْتُ فَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْمُرَادَ صَلَاةً مِنْ الْفَرَائِضِ بِخِلَافِ النَّوَافِلِ، فَلَا يَلْزَمُهُ التَّحَرِّي لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ لَوْ أَرَادَ التَّنَفُّلَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلُ الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا كَانَ مُقَلِّدًا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُجَدِّدَ التَّقْلِيدَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ مُجْتَهِدٌ (فَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عَمَلَ بِ) الِاجْتِهَادِ.

(الثَّانِي) لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ فِي ظَنِّهِ، فَصَارَ الْعَمَلُ بِهِ وَاجِبًا، فَيَسْتَدِيرُ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا ثَانِيًا (وَلَمْ يُعِدْ مَا صَلَّى) بِ الِاجْتِهَادِ.

(الْأَوَّلِ) لِئَلَّا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ، وَالْعَمَلُ بِالثَّانِي لَيْسَ نَقْضًا لِلْأَوَّلِ بَلْ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى جِهَةٍ فَلَمْ تَجُزْ لَهُ الصَّلَاةُ إلَى جِهَةٍ غَيْرِهَا وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ لَمَّا قَضَى فِي الْمُشْرِكَةِ فِي الْعَامِ الثَّانِي بِخِلَافِ مَا قَضَى بِهِ فِي الْأَوَّلِ ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ: فَيَعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ.

الثَّانِي (وَلَوْ) كَانَ (فِي صَلَاةٍ وَبَنَى) عَلَى مَا عَمِلَهُ بِالِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ (نَصًّا) فَلَوْ فَرَضَ أَنَّهُ صَلَّى بِكُلِّ اجْتِهَادٍ رَكْعَةً مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ إلَى جِهَةٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ إلَى الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ أَمْكَنَ الْمُقَلِّدُ) أَيْ: الْجَاهِلُ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ (تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ وَالِاجْتِهَادِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ) عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>