للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَكَمَ بِآلَةِ كُلِّ صَنْعَةٍ لِصَانِعِهَا فَآلَةُ الْعَطَّارِينَ لِلْعَطَّارِ وَآلَةُ النَّجَّارِينَ لِلنَّجَّارِ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْآلَةُ فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ أَوْ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا فِي قُمَاشِ الْبَيْتِ عِنْدَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا) أَيْ الصَّانِعَانِ (فِي دُكَّانٍ وَاحِدٍ وَاخْتَلَفَا فِي عَيْنٍ لَمْ يُرَجِّحْ أَحَدُهُمَا بِصَلَاحِيَّةِ الْعَيْنِ لَهُ) .

(وَكَذَا لَوْ تَنَازَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ) هِيَ زَوْجَةٌ لَهُ أَوْ لَا (فِي عَيْنٍ غَيْرِ قُمَاشٍ بَيْنَهُمَا) فَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا بِصَلَاحِيَّةِ الْعَيْنِ لَهُ، بَلْ إنْ كَانَتْ فِي أَيَدِيهِمَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يُنَازَعْ اقْتَرَعَا عَلَيْهَا (وَكُلُّ مَنْ قُلْنَا) الْمُدَّعَى بِهِ (لَهُ فَهُوَ مَعَ يَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ غَرِيمِهِ (إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ) .

فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَتُسْمَعُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا) أَيْ بِبَيِّنَتِهِ (مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ) لِحَدِيثِ «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» (وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَهُوَ الْخَارِجُ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا سَوَاءٌ أُقِيمَتْ بَيِّنَةُ الْمُنْكِرِ وَهُوَ الدَّاخِلُ) أَيْ وَاضِعُ الْيَدِ (بَعْدَ رَفْعِ يَدِهِ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ شَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ) أَيْ الدَّاخِلِ (أَنَّهَا لَهُ نُتِجَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (فِي مِلْكِهِ أَوْ) أَنَّهَا لَهُ (قَطِيعَةٌ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ لَا) .

أَيْ أَوْ لَمْ تَشْهَدْ بِذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» فَجَعَلَ جِنْسَ الْبَيِّنَةِ فِي جَنْبَةِ الْمُدَّعِي فَلَا يَبْقَى فِي جَنْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَلِأَنَّ الْمُدَّعِي أَكْثَرُ فَائِدَةً فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا كَتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْجَرْحِ عَلَى التَّعْدِيلِ، وَدَلِيلُ كَثْرَةِ فَائِدَتِهَا أَنَّهَا تُثْبِتُ سَبَبًا لَمْ يَكُنْ، وَبَيِّنَةُ الْمُنْكِرِ إنَّمَا تُثْبِتُ ظَاهِرًا تَدُلُّ الْيَدُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَكُنْ مُفِيدَةً لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ تَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهَا رُؤْيَةُ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُجِيزُ الشَّهَادَةَ بِهِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَصَارَتْ الْبَيِّنَةُ بِمَنْزِلَةِ الْيَدِ الْمُفْرَدَةِ فَتُقَدَّمُ عَلَيْهَا بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْيَدِ، كَمَا أَنَّ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ لَمَّا كَانَا مُثْبَتَيْنِ عَلَى شَاهِدَيْ الْأَصْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَزِيَّةٌ عَلَيْهِمَا وَمَنْ قَدَّمْنَا بَيِّنَتَهُ لَمْ يَحْلِفْ مَعَهَا لِوُجُوبِ الْحُكْمِ بِهَا مُنْفَرِدَةً كَمَا لَوْ تَعَارَضَ خَبَرَانِ خَاصٌّ وَعَامٌّ أَوْ أَحَدُهُمَا أَرْجَحُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ نَقَلَ الْأَثْرَمُ: ظَاهِرُ الْآثَارِ الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَإِذَا جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ.

(فَإِنْ أَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا) أَيْ الْعَيْنَ الْمُتَنَازَعَ فِيهَا (مِنْ الْخَارِجِ وَأَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الدَّاخِلِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ) لِأَنَّهُ الْخَارِجُ مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ صَاحِبُ الْيَدِ وَأَنَّ يَدَ الدَّاخِلِ نَائِبَةٌ عَنْهُ وَإِنْ ادَّعَى الْخَارِجُ أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكَهُ وَأَنَّهُ أَوْدَعَهَا لِلدَّاخِلِ أَوْ أَعَارَهُ إيَّاهَا أَوْ أَجْرَهَا مِنْهُ فَأَنْكَرَهُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ.

وَقَالَ الْقَاضِي بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>