للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: ١٣] فَتَكْذِيبُ الصَّادِقِ نَفْسَهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ صَادِقًا.

وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: ٥] قَالَ: تَوْبَتُهُ إكْذَابُ نَفْسِهِ» .

(وَتَصِحُّ تَوْبَتُهُ) أَيْ الْقَاذِفِ (قَبْلَ الْحَدِّ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ وَ (لِصِحَّتِهَا مِنْ قَذْفٍ وَغِيبَةٍ وَنَحْوِهِمَا) كَسَبٍّ (قَبْلَ إعْلَامِهِ وَ) قَبْلَ (التَّحَلُّلِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَقْذُوفِ وَنَحْوِهِ.

(وَالْقَاذِفُ بِالشَّتْمِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَرِوَايَتُهُ وَفُتْيَاهُ حَتَّى يَتُوبَ) .

(وَالشَّاهِدُ بِالزِّنَا إذَا لَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ لَا شَهَادَتُهُ) لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَةَ أَبِي بَكْرَةَ وَقَالَ لَهُ تُبْ أَقْبَلْ شَهَادَتَكَ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي قَبُولِ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرَةٍ مَعَ رَدِّ شَهَادَتِهِ (وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي الْقَذْفِ) .

وَتَقَدَّمَ فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ تَوْبَةُ الزَّانِيَةِ إنْ تُرَاوَدْ فَتَمْتَنِعْ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا أَرَادَتْ النِّكَاحَ خَاصَّةً.

(وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ حَتَّى فِي مُوجِبِ حَدٍّ وَقَوَدٍ كَالْحُرِّ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَمَةِ فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحُرَّةِ) لِعُمُومِ آيَاتِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِيهَا فَإِنَّهُ مِنْ رِجَالِنَا وَهُوَ عَدْلٌ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَفُتْيَاهُ وَأَخْبَارُهُ الدِّينِيَّةُ وَرَوَاهُ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَنَسٍ وَرَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ «وَلِحَدِيثِ عُتْبَةَ بْنِ الْحَارِث قَالَ: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إهَابٍ فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا فَذَكَرْت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ كَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ ذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَمَتَى تَعَيَّنَتْ) الشَّهَادَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْقِنِّ (حَرُمَ عَلَى سَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ قِيَامِهِ بِالشَّهَادَةِ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ فَلَوْ عَتَقَ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ فَشَهِدَ حُرِّمَ رَدُّهُ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُفْرَدَاتِ: فَلَوْ رَدَّهُ مَعَ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ فَسَقَ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ كَالْقِنِّ.

(وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَصَمِّ فِي الْمَرْئِيَّاتِ) لِأَنَّهُ فِيهَا كَغَيْرِهِ (وَ) تَجُوزَ شَهَادَةُ الْأَصَمِّ (بِمَا سَمِعَهُ قَبْلَ صَمَمِهِ) لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ كَمَنْ لَيْسَ بِهِ صَمَمٌ.

(وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى فِي الْمَسْمُوعَاتِ إذَا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ) أَيْ صَوْتَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا أَجَازَا شَهَادَةَ الْأَعْمَى وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ لَهُ بِذَلِكَ كَاسْتِمْتَاعِهِ بِزَوْجَتِهِ.

(وَ) تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى (بِمَا رَآهُ قَبْلَ عَمَاهُ إذَا عَرَفَ الْفَاعِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>