للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) الشَّرْطُ الْخَامِسُ عَدَالَةُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فَ (لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ بِالْفُرُوعِ حَتَّى تَثْبُتَ عَدَالَتُهُمْ وَعَدَالَةُ أُصُولِهِمْ) لِأَنَّهُمَا شَهَادَتَانِ فَلَا يُحْكَمُ بِهِمَا بِدُونِ عَدَالَةِ الشُّهُودِ وَالْحُكْمُ يَنْبَنِي عَلَى كُلٍّ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ فَاعْتُبِرَتْ لِلشُّرُوطِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.

(وَلَا يَجِبُ عَلَى فَرْعٍ تَعْدِيلُ أَصْلِهِ) لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْرِفَهُ (وَيَتَوَلَّى الْحَاكِمُ ذَلِكَ) أَيْ الْبَحْثَ عَنْ عَدَالَةِ الْأُصُولِ كَمَا لَوْ شَهِدُوا عِنْدَهُ ابْتِدَاءً (وَإِنْ عَدَّلَهُ) أَيْ الْأَصْلُ (الْفَرْعَ قُبِلَ) إكْفَاءً بِمَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ عَدَالَةِ الْفَرْعِ.

(وَلَا تَصِحُّ تَزْكِيَةُ أَصْلٍ لِرَقِيقِهِ) وَلَا أَنْ يَكُونَ فَرْعًا عَنْهُ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى انْحِصَارِ الشَّهَادَةِ فِي أَحَدِهِمَا (وَتَقَدَّمَ) .

وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا تَعْيِينُ أَصْلٍ كَفَرْعٍ قَالَ الْقَاضِي حَتَّى لَوْ قَالَ شَافِعِيَّانِ أَشْهَدَنَا صَحَابِيَّانِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُعَيِّنَاهُمَا وَدَوَامُ عَدَالَةِ الْجَمِيعِ إلَى صُدُورِ الْحُكْمِ.

(وَإِذَا حُكِمَ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْفَرْعِ ثُمَّ رَجَعُوا) عَنْ شَهَادَتِهِمْ (لَزِمَهُمْ الضَّمَانُ) لِأَنَّ الْإِتْلَافَ حَصَلَ بِشَهَادَتِهِمْ كَمَا لَوْ أَتْلَفُوهُ بِأَيْدِيهِمْ (مَا لَمْ يَقُولُوا بَانَ) أَيْ ظَهَرَ (لَنَا كَذِبُ الْأُصُولِ أَوْ غَلَطِهِمْ) لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهُمْ لَيْسَ بِرُجُوعٍ عَنْ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي شَهَادَةَ الْأُصُولِ.

(وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْأَصْلِ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا) لِتَأَكُّدِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ.

(وَإِنْ رَجَعُوا) أَيْ شُهُودُ الْأَصْلِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحُكْمِ (فَقَالُوا كَذَبْنَا أَوْ غَلِطْنَا ضَمِنُوا) لِاعْتِرَافِهِمْ بِتَعَمُّدِ الْإِتْلَافِ بِقَوْلِهِمْ كَذَبْنَا أَوْ بِخَطَئِهِمْ بِقَوْلِهِمْ غَلِطْنَا.

(وَلَوْ قَالُوا) أَيْ الْأُصُولُ (بَعْدَ الْحُكْمِ مَا أَشْهَدْنَاهُمْ بِشَيْءٍ لَمْ يَضْمَنْ الْفَرِيقَانِ شَيْئًا) مِمَّا فَاتَ بِالْحُكْمِ لِأَنَّ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ لَمْ يَثْبُتْ كَذِبُهُمَا وَشَاهِدَيْ الْأَصْلِ لَمْ يَثْبُتْ رُجُوعُهُمَا لِأَنَّ الرُّجُوعَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ فَإِنْكَارُ أَصْلِ الشَّهَادَةِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا عَنْهَا.

(وَمَنْ زَادَ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ قَبْلَ الْحُكْمِ مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ بِمِائَةٍ ثُمَّ يَقُولُ بَلْ هِيَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ أَوْ) يَقُولُ (بَلْ هِيَ تِسْعُونَ) قَبْلُ وَيُحْكَمُ بِمَا شَهِدَ بِهِ أَخِيرًا لِأَنَّ شَهَادَتَهُ الْأَخِيرَةَ شَهَادَةٌ مِنْ عَدْلٍ غَيْرِ مُتَّهَمٍ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهَا فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِهَا كَمَا لَمْ يَتَقَدَّمْهَا مَا يُخَالِفُهَا وَلَا تُعَارِضُهَا الشَّهَادَةُ الْأُولَى لِأَنَّهَا قَدْ بَطَلَتْ بِرُجُوعِهِ عَنْهَا.

(أَوْ أَدَّى) الشَّهَادَةَ (بَعْدَ إنْكَارِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَهَادَةٌ ثُمَّ أَدَّاهَا وَقَالَ كُنْتُ أُنْسِيتُهَا قُبِلَ نَصٌّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمَرْأَتَيْنِ {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢] فَقَبِلَهَا بَعْدَ إثْبَاتِ الضَّلَالِ وَالنِّسْيَانِ فِي حَقِّهَا فَوَجَبَ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْعَدْلِ فِيمَا نَسِيَهُ ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (كَقَوْلِهِ لَا أَعْرِفُ الشَّهَادَةَ ثُمَّ يَشْهَدُ) فَتُقْبَلُ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ إذَا قُبِلَتْ بَعْدَ إنْكَارِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>